«الإطار» يخشى إعادة الموازنة وعجز 25 مليون دولار يومياً بسبب قرار تخفيض إنتاج النفط

السوداني يعلن استعداده الحضور إلى البرلمان لمناقشة مشروع القانون

– بغداد/ تميم الحسن

مشوار طويل يرجح ان يكون امام البرلمان لإقرار «موازنة الاعوام الثلاثة» قد يمتد الى منتصف السنة بحسب بعض التقديرات.

لكن السيناريو الأسوأ الذي يقترب من الحصول فعليا، ان يقرر البرلمان اعادة الموازنة مرة اخرى الى الحكومة بسبب اعتراضات احزاب واستحداث بعض الإجراءات التنفيذية.

فالحكومة بعد ان اسبوعين من ارسال الموازنة الى البرلمان قررت بشكل مفاجئ تقليل حجم صادرات النفط مما يرجح حدوث عجز يومي يقدر بنحو 25 مليون دولار.

والعجز الاخير يضاف الى العجز السابق الذي استجد اثناء اعداد الموازنة، المتعلق بتخفيض الدولار والذي قدر بـ 24 مليار دينار يوميا.

كذلك تتساند اعتراضات قوى سياسية مع الاسباب السابقة لاحتمالات اعادة الموازنة مرة اخرى الى الحكومة مثل حصة المدن السَنية.

اضافة الى اعتراضات من البرلمان على تسعيرة برميل النفط في الموازنة، ومطالبات شيعية بتخصيصات مالية الى المحافظات المنتجة للنفط.

واول أمس، كان نائب رئيس البرلمان محسن المندلاوي قد أعلن ان الجلسة المقبلة ستكون مخصصة لمناقشة الموازنة، حيث جاء في جدول أعمال جلسة الأربعاء بأنها ستكون مخصصة فقط للقراءة الأولى للمشروع.

وفي تطور لاحق عقد المندلاوي منتصف نهار أمس جلسة مع اللجنة المالية في البرلمان ووزيرة المالية طيف سامي بخصوص الموازنة، بحسب نواب.

وتسلم النواب رسميا الميزانية في الاول من نيسان فيما كانت الحكومة قد اعلنت ارسالها الى رئاسة المجلس في 17 آذار الماضي.

وخلال تلك الفترة كانت القوى السياسية منشغلة بتمرير قانون الانتخابات الذي واجه جملة من الاعتراضات، قبل ان يقرر محمد الحلبوسي رئيس البرلمان منح نفسه اجازة الـ 15 يومياً.

يقول مصدر سياسي في حديث لـ(المدى): «هذه الموازنة قد تكون مختلفة عن باقي الموازنات السابقة..انها سياسية بامتياز».

المصدر وهو سياسي قريب من الإطار التنسيقي وطلب عدم الاشارة الى اسمه، أكد ان التحالف الشيعي: «في سباق مع الزمن لتمرير الموازنة لأنها تعتبر جزءا من الحملة الانتخابية المقبلة».

ويواجه الإطار التنسيقي ما بات يعرف اعلاميا بـ»الفرصة الاخيرة» في السلطة وهو امر يرفض قادة التحالف الشيعي التسليم به.

قيس الخزعلي زعيم العصائب قال في لقاء مع القناة الرسمية الشهر الماضي تعليقا على تلك الفرص الاخيرة: «لا يوجد شيء اسمه الفرصة الأخيرة، هناك عملية سياسية قائمة على الانتخابات».

وبسبب الضغط الذي يشكله تمرير الموازنة كان الإطار التنسيقي قد عقد مساء الاحد اجتماعا في منزل القيادي في المجلس الاعلى همام حمودي.

وكانت الدعوة بالأساس للإفطار، بحسب المصادر السياسية، ثم جرى بعدها اجتماع بحضور محمد السوداني رئيس الحكومة، ناقش ملفين فقط: الموازنة والانتخابات.

وقبل ذلك كان باسم العوادي المتحدث باسم السوداني قد دعا رئاسة البرلمان والقوى السياسية الى تكثيف جهودهم لحسم الموازنة.

وذكر العوادي في بيان أن الحكومة: «تجدد ثقتها بممثلي الشعب ورئاسة المجلس وحسن تقديرهم للظروف التي يمر بها بلدنا وحاجته الماسّة إلى الإسراع في المصادقة على الموازنة».

واضاف: «تدعو الحكومة النواب ورئاسة مجلس النوّاب والقوى السياسية إلى تكثيف جهودهم لحسمها (ويقصد الموازنة)؛ لما يترتب على ذلك من تفاصيل لها مساس مباشر باحتياجات المواطنين».

وشدد العوادي على أن: «تبقى الموازنة بالشكل الذي بُنيت عليه، أي لثلاث سنوات ولا يمكن للحكومة مواصلة منهاجها إلا بما تمنحه السنوات الثلاث من مرونة في تغطية المشاريع الستراتيجية، المتعلقة بالبنى التحتية الخدمية المهمة».

واوضح المتحدث باسم الحكومة ان اقرار الموازنة تتوقف عليه قضايا اساسية مثل: «استكمال مشاريع الكهرباء، ومعالجات شحّ المياه، وإعادة المفسوخة عقودهم، فضلاً عن توفير الآلاف من فرص العمل من خلال المشاريع التنموية الجديدة».

وأشار العوادي إلى أن «الموازنة وضعت معالجات لسد العجز وآليات الصرف بشكل رصين ومحكم».

وأعلن العوادي ان رئيس الحكومة مستعد: «للحضور إلى مجلس النوّاب، والإجابة عن كل التفاصيل والاستفسارات التي يقدمها أعضاء مجلس النواب بخصوص مشروع الموازنة».

قرار تخفيض الانتاج

وعلى خلاف توقعات الحكومة فقد تذهب اراء ومواقف بعض التيارات في البرلمان الى اعادة مشروع الموازنة مرة اخرى الى مجلس الوزراء.

عدنان الجابري عضو لجنة النفط في البرلمان يقول في حديث لـ(المدى): «قد يقرر البرلمان اعادة مشروع الموازنة الى الحكومة مرة اخرى بسبب تخفيض صادرات النفط».

ويضيف الجابري: «هذا القرار سيغير من حجم التصدير المنصوص في الموازنة وهي 3.5 مليون برميل يوميا.. وقرار اعادة الموازنة الى الحكومة يحتاج الى تصويت البرلمان».

وكانت الحكومة قد قررت بشكل مفاجئ اول أمس تخفيض 211 ألف برميل يوميا من صادرات النفط ضمن قرارات طوعية لـ 6 دول في «أوبك بلاس».

وبحسب منقذ داغر عضو مؤسسة غالوب التحليلية الامريكية ان التخفيض «سيكلف العراق خسارة يومية بنحو 25 مليون دولار».

ويقول داغر في تغريدة على توتير ان «التخفيض سيسبب عجزا مقداره أكثر من 400 ألف برميل نفط يوميا عما موجود في الموازنة».

وهذا العجز يضاف الى الـ 15 تريليون دينار سنويا التي قدرتها اللجنة المالية في البرلمان جراء تخفيض سعر الدولار الى 1300 دينار.

وذكر بيان لوزارة النفط أنه «بهدف اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمواجهة التحديات التي تواجه السوق النفطية العالمية، ولتحقيق التوازن بين العرض والطلب واستقرار السوق، قررت وزارة النفط خفض الإنتاج الطوعي بمعدل 211 ألف برميل يومياً».

وبينت أن خفض الإنتاج سيبدأ «اعتباراً من شهر ايار المقبل وحتى نهاية العام الحالي بالتنسيق مع بعض الدول المنتجة للنفط وبما لا يتعارض مع سياسة الخفض السابقة».

وبعد قرار وزارة النفط العراقية، أعلنت روسيا والسعودية والإمارات والكويت وعمان والجزائر تخفيض إنتاجها النفطي طواعية حتى نهاية 2023.

وكانت تقديرات قد اشارت الى ان خسائر العراق جراء توقف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي بسبب ما عرف بقضية «التحكيم الفرنسي»، تصل الى 37 مليون دولار يوميا.

ويقول النائب عدنان الجابري ان «توقف الصادرات من كردستان (400 ألف برميل يوميا) هو أمر موقت وقريبا سيتم الاتفاق على صيغة جديدة لإعادة ضخ النفط».

وسبق ان تداولت معلومات عن احتمال إعلان اتفاق جديد بين بغداد واربيل يتضمن بيع النفط من كردستان عبر شركة سومو، فيما لا توجد تصريحات رسمية حتى الان بهذا الشأن.

الموازنة في منتصف العام!

وبالعودة الى الموازنة توقعت عضوة سابقة في اللجنة المالية ان تقر الموازنة بشكل نهائي منتصف العام الحالي.

واستغربت ماجدة التميمي عضوة اللجنة السابقة من تأخر ارسال الحكومة مشروع الموازنة الى نيسان الحالي.

وقالت التميمي في بيان إذا كانت الحجة في تأخر ارسال الموازنة: «هو لتقديم مشروع قانون منسجم ومتوافق مع البرنامج الحكومي، لاسيما وان الحكومة قد منحت عليها الثقة بتاريخ 13\تشرين الاول \2022 فنقول انه وبلا أدنى شك ان هذا من حق الحكومة ويجب أن يكون كذلك ونعتقد ان مدة شهرين ونصف كانت كافية جدا لإجراء التعديلات على مشروع الموازنة والتي كانت معدة سلفا، لتأتي متطابقة مع البرنامج الحكومي، مما يعني انه كان يجب ارسالها الى مجلس النواب بتاريخ 31\12\2022».

وتابعت: «الامر الاكثر غرابة هو استلام اللجنة المالية للمشروع في الأول من شهر نيسان بشكل رسمي من رئاسة البرلمان، وهذه سابقة خطيرة لم تحصل خلال الدورات السابقة، وإذا ما أضفنا إليها مدة شهر ونصف للمناقشات في اللجنة المالية والمجلس، مما يعني ان الموازنة ستكون نافذة مع بداية شهر حزيران بعد مصادقة رئاسة الجمهورية عليها ونشرها في الجريدة الرسمية».

بالمقابل سيؤدي انشغال البرلمان بتمرير الموازنة الى ايقاف باقي التشريعات، بحسب ما يقوله النائب ياسر اسكندر.

ويضيف في تصريحات صحفية ان: «هناك العديد من القوانين المهمة في أروقة اللجان النيابية ومنها لجنة الامن والدفاع ولكن تأخر اقرارها لغاية الان كان بسبب الضغط السياسي المتعلق بمراحل إقرار قانون الانتخابات ثم اتت الموازنة وبالتالي سيتم تأجيل إقرار تلك القوانين الى حين اقرار الموازنة».

وتظهر من خلال مناقشات القوى السياسية اعتراضات على حصة المناطق السنية في الموازنة. يقول كمال كوجر عضو اللجنة المالية: «النواب السنة غير راضين عن حصة محافظاتهم ويطالبون بإعادة مشروع الموازنة او تعديله».

بالمقابل هناك اعتراضات في اللجنة المالية ولجان اخرى على تقدير سعر النفط في الموازنة بـ 70 دولارا للبرميل الواحد وتقليله الى 60 دولارا.

كما ترفض جهات شيعية تمرير الموازنة الا بعدة شروط، بحسب ما يقوله النائب عن العصائب عدي عواد.

عواد يؤكد في بيان «لن نمرر الموازنة الا بعد ضمان مستحقات البصرة وتحويل ما تبقى من الأجراء والعقود وسلم رواتب عادل وفروقات الحشد وكثير من المظلومية التي تعرضت لها فئات كثيرة».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here