التنمية بين التحديات والحلول.. تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الأنمائي (2023)

التنمية بين التحديات والحلول
تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الأنمائي UNDP (2023)
ترجمة: هاشم كاطع لازم – أستاذ مساعد – كلية شط العرب الجامعة – البصرة

التحديات
يتمثل عمل برنامج الأمم المتحدة الأنمائي UNDP ، الذي يتوائم مع طبيعة مختلف البلدان، في ثلاث أطر واسعة تخص التنمية. وتمثل هذه الأطر تحديات كثيرا ماتجتمع في البلد ذاته ، الأمر الذي يتطلب أيجاد حلول تتناسب وحاجة كل بلد مع ضرورة التعاطي بكفاءة مع المشاكل والعقبات القائمة. وتتطلب تلك التحديات التي تقف حجر عثرة أمام التنمية توفر أحتياجات تنموية جوهرية منها الحاجة لتعزيز المساواة الأجتماعية بين الرجال والنساء وتمكين النساء والفتيات والعمل على ضمان حقوق الأنسان.
1. القضاء على الفقر باشكاله وأبعاده كافة
تشير الأحصائيات الى ان نحو 700 مليون أنسان مايزالون يعيشون على أقل من 1.9 دولار في اليوم وأن مايصل الى 1.3 مليار أنسان يعيشون في حالة فقر مدقع منهم عدد غير قليل من ذوي الأحتياجات الخاصة وأن نحو 80% من عامة البشر يعيشون على أقل من 10 دولارات في اليوم. تجدر الأشارة أن البلدان متوسطة الدخل تشكل على نحو متزايد جزءا من هذه الحصيلة.
ويهتم برنامج الأمم المتحدة الأنمائي بكل من عدم المساواة والفقر حتى لايتم استثناء أي فرد ويركز عمله على كيفية القضاء على الفقر فضلا عن ضمان عدم التراجع أليه مستقبلا. ومثل هذا الأمر يتطلب التعاطي مع التحديات الأجتماعية – الأقتصادية والبيئية وأدارة الحكم المتداخلة مع بعضها البعض والتي تدفع الناس للفقر أو تجعلهم عرضة لخطرالعودة أليه لاحقا. ثم أن مستوى التغيير وسرعته الكبيرة توجب ضرورة العمل الجاد والحازم من جانب العديد من الجهات ذات العلاقة ومن مستويات مختلفة لأيلاء أهمية خاصة لمحاربة الفقر في اشكاله وجوانبه كافة. من هنا يعمل البرنامج على تحقيق التجاوب اللازم على المستويين المحلي والدولي.

2. تعجيل التحولات البنيوية للتنمية المستدامة
أن الطبيعة التعويقية للأستبعاد الأجتماعي والأقتصادي والسياسي تفضي الى أعراف وعمليات تتسم بعدم الفاعلية وعدم المسؤولية وكذلك عدم الشفافية ، وهذا يؤدي الى وضع العراقيل أمام الدول للتعاطي مع التفاوت الأجتماعي البنيوي المتأصل.
وسوف يقوم برنامج الأمم المتحدة الأنمائي بتقديم الدعم للدول في أطار مساعيها الرامية الى تسريع التحولات البنيوية من خلال التعاطي مع عدم المساواة والأستبعاد والأنتقال الى التنمية التي تتخلى تماما عن أستخدام الكاربون والعمل على أنتهاج أدارة فاعلة بمقدورها التجاوب مع التوجهات الكبرى مثل العولمة والتمدن والتغييرات التكنولوجية والديموغرافية.
3. العمل على التكيّف مع الأزمات والصدمات
تتأثر بعض البلدان كثيرا بالصدمات والضغوطات مثل التغيرالمناخي والكوارث والتطرف الذي يعتمد العنف والنزاعات والتقلبات الأقتصادية والمالية وتفشي الأوبئة وفقدان الأمن الغذائي والتدهور البيئي. في هذا السياق تزايدت الكوارث ذات الصلة بالمناخ كما ونوعا مما ترك أثارا سيئة على برامج التنمية وفاقم المواقف الهشة أصلا وأفضى الى أختلالات اجتماعية. كما أن النزاعات والصراعات الطائفية وعدم الأستقرار السياسي في حالة تزايد. وعلى أثر ذلك يعيش أكثر من 1.6مليارأنسان في أوضاع هشة تتنازعها الصراعات والنزاعات.
ويعيش نحو 258 من بني البشر خارج بلدانهم الأصلية منهم 68.4 مليونا يعانون من التشرد. كما أدت الكوارث وتأثيرات التغير المناخي الى تشريد المزيد من البشر بمعدل 14 مليون شخص سنويا. وتتسبب الأمراض المتفشية الأكثر خطورة في خسائر أقتصادية جسيمة تؤثرعلى المستوى المعيشي وتؤدي الى تدهور الدخول وتأثرالناتج القومي المحلي مثلما حصل في أعقاب تفشي جائحة أيبولا Ebola في غرب افريقيا خلال عامي 2014 و 2015.
كما يعمل برنامج الأمم المتحدة الأنمائي على تعزيز التكيف من خلال تقديم العون للحكومات لأتخاذ أجراءات تتعلق بالتعامل مع المخاطر والعمل على درء الصدمات والأزمات أو التعاطي معها أو التعافي الفعال منها، فضلا عن التعاطي مع المسببات الأساسية على نحو متكامل. ومثل هذا الدعم يستند الى قواعد تتمثل في الأدارة الحكومية المسؤولة مع التركيز الشديد على التكافؤ بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات وتلبية أحتياجات الجماعات المعرضة للأخطار لضمان تحقيق العدالة للجميع دون أستثناء.

طريق النجاح
يسعى برنامج الأمم المتحدة الأنمائي الى تحقيق أهداف أساسية في أطارمساعيه الرامية لتحقيق التنمية تعرف ب (حلول التوقيع) Signature Solutions حيث تاتي هذه المساعي لتنفيذ أهداف الخطة الستراتيجية التي تتطلبها (خطة عام 2030) ذات الأبعاد المتعددة والتعقيدات. وهذا منهج قوي ومتكامل نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
محاربة الفقر
في الوقت الحاضر يعيش نحو 700 مليون أنسان على اقل من 1.9 دولار في اليوم فيما يصل عدد الفقراء المعدمين الى نحو 1.3 مليار شخص. والفقراء يظلون على حالهم ويتراجع آخرون نحو الفقر بفعل عوامل عديدة تتعلق بالمكان الذي يعيشون فيه وعرقيتهم وجنسهم وندرة الفرص المتاحة للعمل وغير ذلك.
وليس مصادفة أن يتوافق (حل التوقيع) الأول مباشرة مع الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة المتمثل في محاربة أنواع الفقركافة حيثما وجدت ، فنحن في برنامج الأمم المتحدة الأنمائي نعمل بجد على تقديم العون للناس للتخلص من الفقر. ويتجلى هذا الأمر في عملنا مع الحكومات والجماعات والشركاء في سائر الدول والأقاليم أل 170 التي نعمل فيها. ومن الأمثلة على ذلك العمل على خلق فرص عمل ومعيشة لائقة وكريمة وتوفير شبكات أمان أجتماعي وتعزيز المشاركة السياسية والتأكد من حصول الناس على الخدمات الأساسية مثل المياه والطاقة والرعاية الصحية والأئتمان وألأصول المنتجة.
حوكمة المجتمعات السلمية والعادلة والشاملة
تتحسن أحوال الناس حين تكون حكومتهم كفوءة في عملها ومتفاعلة مع مواطنيها. وحين تتاح للناس من مختلف الفئات الفرص للمساهمة في أتخاذ القرارات التي تتعلق مباشرة بنمط حياتهم، وحين تتحقق لهم الخدمات والعدالة بشكل منصف فأن ثقتهم سوف تتعزز بالحكومة.
وتتضح فوائد العمل الذي نقوم به في مجال الحوكمة في سائر المجالات اتي تغطيها أهداف التنمية المستدامة سواء تعلق الأمر بالمناخ أو المساواة بين الجنسين. ويمتد عمل برنامج الأمم المتحدة الأنمائي في مجال الحوكمة الى نطاق واسع من المؤسسات أبتداء من البرلمانات الوطنية والمحاكم العليا ومؤسسات الخدمة المدنية لتشمل ايضا الأدارات المحلية والأقليمية لتصل الى بعض التجمعات النائية من الناحية الجغرافية في بعض مناطق العالم. في هذا الأطار نحن نعمل مع برلمان من كل ثلاثة برلمانات في العالم ونساعد الدول على توسيع رقعة مشاركة المواطنين والعمل على تحسين أداء مؤسساتهم حتى يتطلع سائرالناس الى مستقبل مستدام قوامه الأزدهار والسلام والعدالة والأمان.
العمل على منع الأزمات وتعجيل التكيف مع عواقبها
الأزمات لاتعرف أية حدود ، ففي عالمنا اليوم يوجد أكثر من 1.6 مليارأنسان يعيشون في أوضاع هشة أو ضحية النزاعات منهم 600 مليون شاب. وقد أدت الحروب واعمال العنف الى أجتثاث المزيد من الناس منذ الحرب العالمية الثانية من ديارهم مما دفعهم للبحث عن ملاذات أخرى خارج بلدانهم. ومع تلك الأزمات تفاقمت أخطار أخرى بفعل مسببات مثل الفقر وتزايد السكان والحوكمة الضعيفة والتمدن السريع.
ويعمل برنامج الأمم المتحدة الأنمائي على تقليل مثل تلك الأخطار من خلال تقديم الدعم للدول والجماعات أثناء حدوث الأزمات وفي أعقابها والتهيئة في حال حدوث صدمات كبيرة ومايمكن عمله بعد وقوع الأزمات فضلا عن تضمين التعامل مع الأزمات في خطط التنمية وقرارات الأستثمار. أن سرعة عودة الناس الى ديارهم وأعمالهم ومدارسهم سوف يسهّل عملية ممارسة حياتهم الطبيعية من جديد. وتعتبر عملية التأقلم مع الأزمات بمثابة عملية تحويلية هدفها تعزيز قدرة الناس والجماعات والمؤسسات والدول على منع الأزمات والتنبؤ بها واستيعابها والتعاطي معها ومن ثم التعافي منها. ومن خلال تنفيذ هذا (الحل التوقيعي) فأننا نركز على القدرات الرامية للتعامل مع الأسباب الجوهرية للنزاعات وتقليل مخاطر الكوارث والتخفيف من وطأة تأثيرات التغير المناخي والتأقلم معها ومع الحياة في اعقاب حصول الأزمات سعيا وراء تحقيق السلام المستدام. وتأثير مثل هذا الأمر لايقتصر على منع الأزمات أو التخفيف من حدتها أنما يتعداه الى التاثير على حياة الناس اليومية التي تطرقت أهداف التنمية المستدامة أليها.
البيئة: حلول التنمية المستندة الى الطبيعة
تشكل الأنظمة البيئية الصحية حجر الزاوية للتنمية وهي تمثل أحدى المقومات الأساسية للرفاهية المجتمعية والنمو الأقتصادي. ومن خلال اللجوء الى حلول تستند الى الطبيعة مثل الأدارة المستدامة وحماية الأرض والأنهار والمحيطات فأننا نطمأن الى وجود أغذية ومياه نظيفة كافية لمختلف البلدان وأنها متكيفة مع التغير المناخي والكوارث مع ضمان أنتقالها الى التحولات الأقتصادية الخضراء، فضلا عن توفير فرص العمل لمليارات المواطنين من خلال العمل في الغابات والزراعة وصيد الأسماك والسياحة.
ويعتبر برنامج الأمم المتحدة الأنمائي المتصدي الرئيسي لقضية التغير المناخي في الأمم المتحدة حيث نعمل في هذا الخصوص على ادراج أتفاقية باريس Paris Agreement وسائر الأتفاقيات البيئية ضمن أولويات التنمية لدى سائردول العالم حيث أن الطعام والمأوى والهواء النقي والتعليم وأتاحة فرص العمل لمليارات المواطنين تعتمد على تصريف مثل هذه الأمور بشكل صحيح.
الطاقة النظيفة المتاحة
لاشك أن الأزدهارلايمكن أن يتحقق دون وجود طاقة موثوقة وأمينة وقليلة التكلفة سيما وأن الطاقة تتحكم بكل شيء ابتداء من الأضاءة الى المركبات والمصانع والمستشفيات.مع ذلك هناك مايصل الى 840 مليون أنسان في العالم لايحصلون على الكهرباء وأن 2.9 مليار أنسان يستخدمون الوقود الأحفوري في الطبخ أو في تدفئة المنازل وبذا يعرضون عوائلهم الى مخاطر صحية جسيمة اضافة الى التسبب في دمارالغابات الواسع على نطاق العالم. من هنا نجد أن الطاقة ترتبط بكل هدف من أهداف التنمية المستدامة.
استنادا الى ذلك يعمل برنامج الأمم المتحدة الأنمائي على مساعدة الدول على التحول من أستخدام الوقود الأحفوري المحدود الى أستخدام مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة والمتاحة. لذا فأننا نقدم أوجه العون لأكثر من 110 بلد ونقوم بتسليف مليارات الدولارات لتلك الدول وتشمل المواد العامة والخاصة. وبمثل هذا الدعم المالي نقوم بعقد شراكات مع المدن والصناعات لزيادة حصة أوجه الطاقة المتجددة لتلك البلدان والعمل على تسهيل حصول الناس المشردين بفعل النزاعات على الطاقة الشمسية والسعي لأحداث تغييرنوعي في صناعة النقل واستحداث طرق جديدة لأضاءة مساكن الملايين من بني البشر.
تمكين النساء وتحقيق المساواة بين الجنسين
تعتبر مشاركة النساء في سائر النشاطات الأجتماعية أمرا أساسيا في احداث تغيير كبير ومتواصل ليس لهن انفسهن فحسب أنما لسائرابناء المجتمع. وتمثل النساء والفتيات نسبة كبيرة من بين الناس الفقراء وهن أكثر عرضة للجوع والعنف وتأثيرات الكوارث والتغير المناخي ، كما أنهن لايحظين بحقوقهن المشروعة كاملة ولايتمتعن بخدمات أساسية كافية.
أن لبرنامج الأمم المتحدة الأنمائي القدرة والمسؤولية على تضمين المساواة بين الجنسين في سائر أعمالنا فمثل هذا الأمر مضافا أليه تمكين المرأة يشكلان مبدا ارشاديا ينطبق على مجمل توجهاتنا واعمالنا بالتعاون مع شركائنا في البلدان المختلفة لوضع حد للعنف الذي يستند الى الجنس (أن كان الشخص ذكرا ام أنثى) والتعامل مع التغير المناخي فيما يتعلق بالمزارعات من النساء وتوطيد القيادة النسائية في مجالي الأعمال والسياسة.

www.undp.org/development-challenges-and-solutions

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here