عندما يكون النقد أكثر غموضا من القصيدة ذاتها !..

عندما يكون النقد أكثر غموضا من القصيدة ذاتها !..

بقلم مهدي قاسم

يُفترض بالنقد أن يقوم بعملية فك أقفال الغموض المغلقة أو إزاحة الستار والضبابية الكثيفة حول قصيدة ما ، هذا ، إذا كانت هذه القصيدة أم تلك تُجنح نحو الرمزية المفرطة والغموض الشبيه بلوحة تقاطع الكلمات ، فهنا يأتي دور النقد أو الناقد بجهد ” تفكيكي ” ، لتوضيح مرامي و أبعاد هذا المقطع الرمزي ، أو ذلك ، بغية تسهيل أمر التذوق و ربما الفهم والاستيعاب للمعنى المضمر الذي هو موجود أصلا في بطن الشاعر كما يُقال بقليل من الطرافة .
ولكن ما يثير الاستغراب عندما يجد المتلقي ناقدا ما يقوم بتفكيك و تشريح يشرّح قصيدة نثر سلسة و عذبة بمفرداتها التعبيرية و الجمالية ذات وضوح من نوع السهل الممتنع ، ليثقلها باسقاطات ومصطلحات وإحالات ما أنزل ميشيل فوكو وأقرانه من سلطان النقد التفكيكي و الرؤيوي الفلسفي ..
حتى ينتهي هذا “النقد ” ليكون أكثر غموضا بكثير من القصيدة” المنقودة ” بحيث ربما يضطر المتلقي إلى أن يستعين بالقصيدة ذاتها ليفكك مغاليق الغموض لذلك النقد الذي كُتب أصلا عن القصيدة ذاتها !..
أم نحن إزاء” لغو نقدي ” إسهالي طافح ؟ ، طالما صفحات التواصل الاجتماعي قد أتاحت فرصة لمثل ممارسات نقدية من هذا القبيل لإثبات الذات العلامة الفهامة في كل الأحوال والمناسبات ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here