وداعاً أَبا الوليد

لقد فقدتُ اليَومَ أَخاً وصديقاً وزميلاً ورفيقاً، هو الشخصيَّة العراقيَّة الكُردستانيَّة، السنيَّة الشيعيَّة، الكرديَّة العربيَّة، هو الشخصيَّة الوطنيَّة بامتيازٍ المرحُوم المغفور لهُالمُناضِل العتيد والعنيد والمُخَضرم الأُستاذ عبد الخالق زنگنة [أَبا الوليد].

وإِنَّما أَصِفهُ بكُلِّ ذلكَ عن قصدٍ لأَنَّهُ كان يكرهُ أن تذكرَ أَمامهُ المُكوِّنات والإِنتماءاتِ والخلفيَّاتِ والعناوينَ، فلقد كانَ مُناضلاً سياسيّاً ومُقاتِلاً في جبهاتِ حقوقِ الإِنسانِ،لا يُميِّزُ بينَ مُواطنٍ وآخر إِلَّا بطبيعةِ إِنتمائهِ الإِنساني؛ أَهوَ ظالِمٌ أَم مظلومٌ؟! فإِذا كانَ ظالماً واجههُ وتصدَّى لظُلمهِ وفضحِهِ حتَّى إِذا كانَ قريباً منهُ، وإِذا كانَ مظلوماًإِنتصرَ لهُ حتَّى إِذا كانَ بعيداً عنهُ، فالمِعيارُ عندهُ واحدٌ فقط لا غَير؛ المُواطنة وما دونَ ذلكَ لم يكن يعتدُّ بهِ أَبداً أَو يعني عندهُ شيئاً.

لقد تعرَّفتُ بالفقيدِ وعاشرتهُ أَكثر من [٣٠] عاماً فتعاونَّا سويَّةً نُناضِلُ ضدَّ الإِستبداد والديكتاتوريَّة زمن الطَّاغيةِ الذَّليل صدَّام حسين ثم ضدَّ أَيَّ تجاوزٍ على حقوقِالإِنسانِ والمصالحِ العُليا للبلدِ بعدَ التَّغيير، فلم أَشعرُ يوماً أَنَّهُ غيَّر من أَخلاقهِ الإِنسانيَّة والوطنيَّة منصبٌ [حِزبيٌّ كانَ أَو غيرَ ذلك] أَو جاهٌ فلقد تقلَّب في مواقعِ المسؤُوليَّةِالحزبيَّةِ حتَّى تسنَّم أَرفعها، كما تقلَّب في مواقعِ المسؤُوليَّةِ الرسميَّةِ في الدَّولةِ بعدَ التَّغييرِ [في أَربيل وبغداد] لكنَّهُ ظلَّ وفيّاً للقِيمِ والمبادئِ التي آمنَ بها وناضلَ من أَجلِها،كما ظلَّ تلكَ الشخصيَّة المحبُوبة المُتواضِعة التي أَحبَّت الخيرَ للآخرين من دونِ تمييزٍ.

فرحمكَ الله يا أَبا الوليد فلقد خلَّفت وراءكَ تاريخاً وطنيّاً قلَّ نظيرهُ.

فإِلى أُسرةِ الفقيد وأَخصُّ بالذِّكر إِبنهُ البِكر الصَّديق المُهندس الأُستاذ وليد، وإِلى رفاقهِ وزُملائهِ وأَصدقائهِ ومُحبِّيهِ أَتقدَّمُ بأَحرِّ التَّعازي القلبيَّة، سائلاً العليِّ القديرلفقيدِنا المغفرةَ والرَّحمةَ والرِّضوان.

{إِنَّا لله وإِنَّا إِليهِ راجعُون}

نـــــزار حيدر

واشُنطن في؛ ٢٠٢٣/٩/٥

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here