تركيا تشن حملة ضد الأكراد بحجة مواجهة العمّال الكردستاني

أوقفت تركيا عشرات من الأكراد بعد الهجوم الذي استهدف الأحد الماضي مجمعا أمنيا وسط أنقرة وتبناه حزب العمال الكردستاني، وفق ما أعلن وزير الداخلية علي يرلي قايا امس.

ونفذت السلطات التركية مداهمات في مناطق جنوب شرقي البلاد التي تقطنها غالبية من الأكراد، بعد يومين من الهجوم الذي استهدف مقرّ الشرطة ووزارة الداخلية الواقعين في المجمع نفسه وسط أنقرة قرب مبنى البرلمان.

ونفّذ الهجوم شخصان قام أحدهما بتفجير نفسه بينما أردت الآخر قوات الشرطة التي أصيب اثنان من عناصرها بجروح.

وقال الوزير يرلي قايا أمس إن قوات الأمن التركية أوقفت 67 عضوا في ما اسمتها “منظمات إرهابية” في 16 محافظة.

وكان هجوم أنقرة الأول يتبناه الحزب على الأراضي التركية منذ أيلول/سبتمبر 2022 حين قتل شرطي في مرسين (جنوب).

ويشنّ الجيش التركي مراراً عمليات جوية وبرية ضد مقاتلي حزب العمال ومواقعهم في شمالي العراق، لا سيما في إقليم كردستان ومنطقة سنجار. وتقيم تركيا منذ 25 عاماً قواعد عسكرية في الإقليم في إطار نزاعها مع حزب العمال الذي أنشأ بدوره قواعد خلفية في المنطقة.

وأتى هجوم أنقرة قبيل افتتاح البرلمان دورته التي من المتوقع أن يبحث خلالها في المصادقة على انضمام السويد الى حلف شمال الأطلسي.

ولا تزال المصادقة معلقة في ظل تباين بين أنقرة وستوكهولم بسبب رفض الأخيرة منع مسيرات ينظمها على أراضيها أعضاء حزب العمال ومناصرون له. ورجح خبراء أن يكون الحزب راغبا في إعاقة المصادقة التركية لأنها قد تؤدي لتحسن العلاقات بين أنقرة وواشنطن.

وتسعى تركيا الى دفع الولايات المتحدة، في مقابل مصادقتها على انضمام السويد للناتو، للتخلي عن دعم مقاتلين أكراد في سوريا مرتبطين بحزب العمال تعتبرهم “إرهابيين” أيضا.

وبعد سنواتٍ من الهدوء، عاوَد حزب العمّال الكردستاني، الذي تصنّفه أنقرة على أنه تنظيم إرهابي، استهداف مناطق في الأراضي التركية عبر انتحاريين، وهذه المرة كانت وزارة الداخلية هي نقطة الاستهداف.

ويرى محللون سياسيون أن الهدف من هذا الهجوم محاولة إثبات وجودٍ من التنظيم الذي يتلقّى ضربات قوية في معاقله بجبال قنديل على الحدود مع العراق.

وأوضح البيان الصادر عن وزارة الدفاع، أن الجيش التركي كثّف ضرباته الجوية على قواعد حزب العمال الكردستاني في جرة وهاكورك ومتينا وقنديل بشمالي العراق.

قبل 3 أسابيع، استهدف هجوم للجيش التركي مقرات لحزب العمال الكردستاني. ومطلع أيلول/سبتمبر الماضي، قال مسؤول أمني عراقي كردي في مدينة أربيل، إن طائرات تركية مسيّرة شنّت غارات متفرّقة، على مقرات لحزب العمال الكردستاني في جبال قنديل، أدت إلى اندلاع حرائق وسماع أصوات انفجارات ثانوية.

وتقع جبال قنديل على بعد 150 كيلومترا شمالي أربيل، ويأوي مقرات لحزب العمال الكردستاني المناوئ لأنقرة، والذي يتخذ من بلدات حدودية عراقية مجاورة للأراضي التركية معقلا رئيسيا له.

المحلل السياسي التركي، جواد غوك، يقول إنّ هذا الهجوم يأتي ضمن سياسة إثبات الوجود من جانب حزب العمال الكردستاني المصنّف على قوائم الإرهاب، بعد الضربات القوية التي تلقّاها من الجيش التركي في شمالي سوريا، وأماكن تمركزه في العراق.

وأضاف غوك، أن الحزب يحاول إيصال رسالة مفادها أنهم أقوياء وقادرون على تنفيذ ضربات في عمق العاصمة أنقرة واستهداف مقر وزارة الداخلية.

وكشف أنّ هذا الهجوم ربما يكون إشارة لعودة الحزب لتنفيذ هجمات إرهابية بعد الفشل في التسلل إلى الأراضي التركية عبر الحدود السورية والعراقية.

بدوره، يقول المحلل السياسي التركي هشام غوناي، إن هذه التنظيمات الإرهابية تكون لها أجندة لتنفيذ تلك الهجمات كنوعٍ من الدعاية لتجنيد شباب جدد في صفوفها، وأنها ما زالت قوية رغم الضربات التي تتعرّض لها، وقادرة رغم الصعوبات الأمنية على تنفيذ هجمات في قلب العاصمة.

أضاف غوناي، أن اختيار مكان الحادث الإرهابي وقربه من البرلمان ووزارة الداخلية له دلالات ورسائل يحاول التنظيم تمريرها إلى أنصاره، وهناك سبب آخر وهو الرد على العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش التركي وتلحق به أضرار كبيرة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here