سوف يسألكم الله عما فعلتموه تجاه اخوانكم في غزة كما سوف تسألون عما فعلتموه بالعراق

بقلم: أ. د. سامي الموسوي

هل يضن المسلمون انهم سوف لا يسألون عن تلك المجازر التي يرتكبها الكيان الصهيوني وامريكا ليس اليوم فقط بل على طول الخط وكل جيل بوقته فمثلا الجيل الذي كان واعيا في التسعينات وعام ٢٠٠٣ وما بينهما سوف يسألون عن الحروب الصهيونية الامريكية ضد العراق وما رافقها من حصار واليوم عن الإبادة التي يتعرض لها الشعب العربي المسلم في غزة. قال تعالى (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) وقال عز من قائل: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً). وقال تعالى: (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً). أي ان عمل الانسان بشكل عام سوف يسجل له بالصوت والصورة ويراه حاضرا كأنه واقع امامه يوم القيامة دون ان يغادر صغيرة او كبيرة الا ما رحم الله. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فأن الله يختبر الانسان المسلم بالشدائد والمحن والكروب ليرى كيف يعمل؟ قال تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) وهنا بيت القصيد الا وهو الاختبار والامتحان الذي قد يكون بالمال او البنون او النفس او بنقص الانفس او المرض او الجوع او التعرض للحروب فهل انت كمسلم سوف تتصرف بما يقبله الله عنك عند البلاء ام ان قولك بانك مؤمن هو مجرد قول لا قيمة عملية له؟ مثلا اليوم في غزة والبارحة في العراق انت ترى الجرائم ترتكب امام عينيك بحق اخوان لك في الدين والعروبة والمصير ونبيكم هو محمد (صلى الله عليه واله واصحابه ومن والاه) وربكم هو الله وانت تعلم ان هذا النبي العربي قد قال: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). السؤال هو هل انت تداعيت لإخوانك هؤلاء بالسهر والحمى كتداعي الجسد للجسد؟ والتداعي هنا اما بالفعل او بالقول او بالقلب وذلك اضعف الايمان. هذا هو الاختبار في غزة وكان هو نفس الاختبار في العراق وغيره من بلاد المسلمين.

هل تضنون ان الله لا يسألكم عن غزة وقبل ذلك العراق كلا ثم الف كلا انكم جميعا مسؤولون وسيكون سؤال كل واحد حسب الموقع الذي هو يتبوأ من المسؤولية. فالذي تكون القوة العسكرية بين يديه سيكون حسابه عند الله يختلف عن حساب الانسان البسيط الذي لا يمتلك شيء. الجميع سوف يسأل والسائل هو الله والحكم هو الأفعال التي قام بها الشخص بالصوت والصورة وامام الاشهاد عندما يكون الشخص ذا مسؤولية. نعم انه الاختبار والبلاء. اما الذين لا يحاسبون فهم قليلون وهؤلاء هم الشهداء الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتهم الله ويستبشرون بالذين من بعدهم. هؤلاء سوف يشفعوا في اهليهم ومن شاء الله لهم ان يشفعوا به. هؤلاء هم قتلانا الذين هم في الجنة على العكس من قتلى الصهاينة والمشركين الذين هم في النار (قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار).

قال رسول الله (صلى الله عليه واله واصحابه ومن والاه) : (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) وقال : (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا). هذا هو الاختبار وعند الله سيكون الحساب والجميع سوف يسأل؟ ماذا فعلت لإخوانك في محنتهم وانت ترى الصهاينة يقتلون أطفالهم ويدمرون بيوتهم ويخرجونهم من ارضهم ويقطعون عنهم الزاد والماء والدواء والعلاج؟ هل وقفت معهم ام ضدهم وكيف؟ حصل هذا من قبل في العراق عام ١٩٩١ وعام ٢٠٠٣ والحصار الذي بينهما والجرائم المشهودة فماذا فعلتم لهم كذلك؟ اما من شارك الصهاينة في فعلتهم فسوف يحشرون معهم يوم القيامة. أتحسبون انكم تتركوا سدى ولا تسألون؟ كلا ورب العرش العظيم سوف تسألون وتحاسبون وان كنتم من المشتركين مع المشركين والصهاينة فسوف يدخلكم الله مدخلهم وتحشرون معهم. ام انكم تضنون انكم معهم في هذه الدنيا ومع محمد امته في الاخرة؟ هيهات ان يكون ذلك لان الله عادل ولا يظلم عنده احد. قال تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ ۗ أَلَآ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ). نعم فلابد للنصر من تضحيات ودماء وشهداء سعداء بربهم وما اتاهم وامة محمد قد تكبو وقد تتعرض لاختبارات عديدة ولكنها في النهاية هي التي تنتصر وهذا وعد وعده ايانا ربنا وسوف يكون لان الله لا يخلف وعده ولكنه سبحانه يرى ما لا نراه وهو يرى الماضي والحاضر والمستقبل كله امام نفسه وعلمه وجلاله العظيم واذا كنا نرى باعين فالله فيرى بما هو اقدر عليه من القدرة التي لا ندركها بأبصارنا وهو يدرك الابصار ويعلم ما في النفوس وما تخفي الصدور وهو الذي لا يشغله شيء عن شيء ولا يمسه تعب ولا لغوب وقد أحاط بكل شيء علما.

اللهم انا نشكو اليك ضعف انفسنا وهواننا على الناس فأن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالي، رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ربنا ونجنا من القوم الظالمين.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here