لماذا لا يسحب العراق دولاراته من بنوك أمريكا؟ 4 خبراء يجيبون

ميسون الشاهين

بعد تقلبات كثيرة في أحوال الدينار وسوق الدولار طوال عامين، تطالب أوساط نيابية وفعاليات اجتماعية بفك ارتباط نفط العراق بالدولار الأميركي وسحب الأموال من البنك الفيدرالي في واشنطن، وحسب تقديرات من مستشاري الحكومة وكبار الخبراء، فإن التجارب في هذا المجال كانت خطيرة على الدوام، حيث حاول صدام حسين ومعمر القذافي بيع البترول باليورو ثم تعرضا لانهيار، بينما حاولت بغداد مؤخراً وضع مبالغ في بنوك أوربية لكنها تعرضت للمصادرة بفعل طلبات تعويض “لا يمكن حصرها”، ولا يمكن حمايتها “إلا من قبل الرئيس الأمريكي” حتى إشعار آخر.

مظهر محمد صالح – المستشار المالي لرئيس الوزراء:
وضع إيرادات النفط بالدولار في الفيدرالي، يأتي بناءً على قرار مجلس الأمن رقم (1483) الذي نص على وضع أموال العراق في حساب عالمي، وهو ليس قراراً من الولايات المتحدة.

البنك المركزي العراقي بدأ بتنويع احتياطياته وأصبح لديه يوان صيني، يورو، ودرهم إماراتي لتنويع المحفظة الاستثمارية، ولكن سوق النفط عالمياً سوق “دولارية” وكل العالم منخرط بهذه التجارة وفقاً لذلك.

لا توجد نية لإخراج الأموال حالياً لأن العراق مرتبط مع الولايات اقتصادياً وفق اتفاقية الإطار الستراتيجي.

طالما أن الدولار عملة الولايات المتحدة فلن تسمح لعملتها أن تعمل ضد أمنها القومي أو سياستها الخارجية، وكل من يتعامل بالدولار سواء حكومات أو أفراداً سيخضع لمراقبتها، والعراق ضمن منطقة الدولار.

العراق أنهى كافة الديون المترتبة عليه تجاه القطاع الخاص بموجب اتفاقية نادي باريس، وصدّر عام 2009 سنداً أوروبياً باسم “Iraq 2028″، وقيمته 2.7 مليون دولار، تعويضاً لمطالبات القطاع الخاص، وهذا السند يُتداول في السوق الأوربية ويحمل فائدة، ويُسدد في عام 2028، كما أنه أطفأ كل الديون المتعلقة بالقطاع الخاص، تقريباً.

السؤال الآن هو: هل قرار مجلس الأمن 1483 لا يزال نافذاً أم لا؟ إن العراق لا يملك إجابة على ذلك؟

مجلس الأمن أصدر في شباط 2022 -بعد أن سدد العراق ديونه نهاية 2021- قراراً مفاده؛ ان العراق بمنأى عن أي غرامات.

لكن معرفة هل خرج العراق من دائرة المديونية بعد القرار، وهل الأخير ما يزال نافذاً أم لا، يحتاج جهداً ديبلوماسياً دولياً.

أعتقد هناك مخاوف مبالغاً بها حول دعاوى التعويضات، ولا توجد صورة واضحة لماهية هذه الدعاوي.

العراق حريص على مصلحته وأمواله وتحديداً إيرادات النفط، طالما كانت محمية من الأمم المتحدة بقرار مجلس الأمن، إلى جانب حماية الرئيس الأميركي والتي تصدر عن البيت الأبيض، من أي ملاحقة قضائية.

العراق قادر على المضي في أي قرار لكنه يتخذ موقفاً سلمياً وحيادياً من قضايا العالم، في الوقت عينه لا يقبل أن تضيع حقوقه، ولكن إخراج الأموال من الفيدرالي بشكل مفاجئ، عمل عدائي والعراق بمنأى عنه.

محمود داغر – خبير مالي:
فك ارتباط النفط العراقي بالدولار، كلام ينافي المنطق الاقتصادي، لأن سعر البرميل عالمياً يُحدد بالدولار، حتى لو تمكنا من تحويله لعملة أخرى.

من قال أننا لا نستطيع سحب عوائد النفط من أمريكا؟ العراق يبيع يومياً نحو 250 مليون دولار، نقداً وحوالات.

لدينا أرصدة في كل دول أوربا وسنغافورة وماليزيا، لكن الأفضل وضعها بالفيدرالي لأن الدولار هو عملة الربط، والعراق يتبع نظام الربط وتجري العملية بالدولار، والفيدرالي يحقق لنا عوائد أفضل ومخاطر أقل.

نستطيع أن نبيع النفط بالدولار ثم نحوله إلى اليورو ولكن لن يستفيد العراق، فاليورو أو اليوان الصيني أو أي عملة أخرى، كلها تحتاج إجراءات لا تختلف عن إجراءات الفدرالي ولا تبتعد عن السياسة النقدية الأمريكية، فهي قائدة العالم بالجانب المالي.

هناك بعض القضايا القانونية ضد العراق، ولغاية الآن لم تحل في الدوائر القانونية، وهذا يجعل من الصعوبة وضع أموال العراق في أي مصرف، سيما أوربا ففي حال إصدار قرار من أي محكمة أوربية بحجز أموال سينفذ بشكل مباشر، وهذا ما حدث عام 2016 إذ أصدرت محكمة إيطالية، حكماً لصالح شركة إيطالية بتعويض قدره 30 مليون دولار، وسُحب المبلغ من العراق.

من الأفضل للعراق أن تكون ثروته بالدولار، ووضعها في أمريكا لحين انتهاء وتصفية القضايا القانونية التي لم يتفق عليها إلى الآن بين الدائنين والمديونين.

نبيل المرسومي – خبير اقتصادي:
العراق منذ 2003 يضع احتياطياته في البنك الفيدرالي خوفاً من مطالبات الدائنين (والمطالبين بتعويضات من حروب سابقة طوال 4 عقود)، وبغداد تستثمر اليوم نحو 34 مليار دولار في سندات الخزانة الأميركية.

يفترض بالسلطة النقدية في العراق والمتمثلة بالبنك المركزي ووزارة المالية توضيح ماهية وحجم الديون المترتبة على العراق، وهل يمكن تسديدها أو جدولتها؟ وهل تستحق وضع القرار العراقي تحت رحمة الفيدرالي الأميركي؟

الخطر ليس بسحب الأرصدة من الولايات، بل بفك ارتباط النفط بالدولار، وهذا خط أحمر أمريكي، لأن تجارة النفط هي التجارة الأولى بالعالم بعد صناعة السلاح والمخدرات، وأحد أسباب قوة الدولار هو ارتباط تسعير النفط به.

العراق جرب في زمن النظام السابق أن يسعر النفط باليورو وفشل، وكذلك القذافي جرب هذه الطريقة وانهار نظامه السياسي.

منار العبيدي – خبير اقتصادي:
لا توجد دولة تستطيع أن تبيع النفط باليورو، حتى يتجرأ العراق على هذه الخطوة، هناك منافسة كبيرة في تجارة النفط، حيث الخليج، السعودية، روسيا، إيران، ولا يستطيع العراق أن يفرض على المشتري طريقة البيع، في ظل المنافسة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here