قراءة في كتاب علي ومعاوية في الرواية العربية المبكرة

بقلم / مجاهد منعثر منشد

مؤلف الكتاب المستشرق المؤرخ الدنماركي ايلرلنغ ليدوك بيترسن, ظهرت دراسته هذه تحت عنوان (علي ومعاوية في الرواية العربية المبكرة) , ترجمة وتقديم وتعليق أ.د| عبد الجبار ناجي الموسوي ,والتي طبعت في قم , دار نشر المؤرخ , 2008م.

من اللائق توجيه الشكر والتقدير مع التنويه عن صاحب الفضل الذي أزاح غبار اللغة وأخرج هذا الكتاب من تقيد اللغة الأوربية إلى اللغة العربية ليثري بجهده العلمي المكتبة الإسلامية ,ذلك هو الأستاذ الدكتور عبد الجبار ناجي الياسري ,إذ ترجم هذه الدراسة القيمة , ولم يكتفِ بالترجمة بل قدم عليه , فكان التقديم على قدركبير من الأهمية لتعريف القارئ بماهية هذا الكتاب وأصوله التاريخية العلمية وقيمته في الكتب الاستشراقية والأوربية من ناحية اهتمامها بمواضيع التاريخ الإسلامي .كما أبدع السيد المترجم في التعليقات الهامشية التي كانت أيضا على قدر كبير من الفائدة لاستكمال القراءة النصية للكتاب.

أما المؤلف بيترسن فيدور كتابه حول مهمة بحثية بالأساس هي دراسة تفكيكية في أصل ونشأة الرواية التاريخية متأثرا بمستشرقين كبار من الجيل الأول أمثال كيتاني وفلهاوزن وفاجيلري وديللا فيدا وغيرهم.

إنّ هذا الكتاب لا يستعرض تاريخاً لأحداث وتسجيلاً لوقائع , إنّما دراسة عن تطور الكتابة التاريخية العربية من خلال دراسة عميقة تناولت مؤرخين ارتبطت أسماؤهم بالتاريخ الإسلامي , ويكشف المؤلف عن فلسفة الأداء الإبداعي عند كل فرد منهم , واضعا بعين الاعتبار جذورهم ونشأتهم وأصولهم الفكرية والعقائدية.

إنّ القارئ يدرك بسهولة إنها دراسة استشراقية تحليلية قيمة فحواها منهج تفكيك الروايات التاريخية اسانيداً ومتنا وصولاً إلى نتائج ومحصلات تفيد كثيراً في فهم جديد بصيغة سير الأحداث التاريخية التي تمركز حولها الكتاب . وكذلك تهدف الدراسة إلى الجمع بين الدراسة التاريخية والتدوين التاريخي والمنهجية للصراعات والنزاعات الأولى في الإسلام.

ويقدم هذا الكتاب دراسة مهمة وموسعة عن تطور البحث التاريخي عند العرب مع تطور الأساليب المنهجية عندهم والمؤلف يغوص باحثاً عن كل ما ينفع مادة بحثه فلا يترك أمراً هاماً دون الخوض فيه.

لقد قسّم المؤلف المؤرخين العرب على أساس المواقف من الأحداث الكبرى في التاريخ الإسلامي حسب الأزمنة التاريخية المتعاقبة وتداول المعلومات الجاري وفق اللاحق يأخذ من السابق مع ما يطرأ على عملية الإفادة من تغير وتطور يتناسب مع الزمان الذي يعيش فيه الكاتب.

و أشار إلى ما قام به الأمويون من تغيير في النظام السياسي الإسلامي الذي أقامه الرسول محمد(صلى الله عليه وآله) عندما حوّلوا الحكم إلى الملكية الممتدة إلى وثنية جاهلية وهذا ما لا ينسجم مع المبادئ الإسلامية.

يتألف كتاب بيترسن من مقدمة وثلاثة أقسام حلت محل الفصول ,فيتناول القسم الأول نشأة الرواية وخلفية عامة والمراحل الثانوية للرواية في العهد الأموي.

أما القسّم الثاني تضمن القرن الأول من الفترة العباسية ,إذ كتب بيترسن عن الرواية السنية والرواية العباسية والرواية الشيعية والرواية المتبقية المؤيدة للأمويين وإعادة مختصرة للنقاط الأساسية.

و القسم الثالث فكان عنوانه محاولات ومساع للتسوية وتمهيد وقراءة لعدد من المؤرخين المشهورين مثل البلاذري والطبري والدينوري واليعقوبي وهناك خلاصة واستنتاج البحث وقائمة لبعض المصطلحات بالترجمة الإنجليزية.

الحقيقة بين أيدينا جهداً علمياً كبيراً وإنجازاً معرفياً, كان مؤلفه منصفاً ومحقاً وعادلاً في أفكاره وطروحاته ونقله للحقيقة نتيجة قراءته العميقة ودراسته الموضوعية المتكاملة.

وأخيراً الكتاب عبارة عن أطروحة أكاديمية كتبها بيترسن لينال شهادة الدكتوراه في فلسفة التاريخ والحقيقة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here