لماذا انسحب الحزب الديمقراطي الكوردستاني من الانتخابات المقبلة لبرلمان كوردستان ….؟

حاتم خاني

بانسحاب البارتي من انتخابات برلمان كوردستان التي من المؤمل ان تجري في حزيران المقبل وحيث اعلنت مفوضية الانتخابات بانها مستعدة لاجراء هذه الانتخابات تبرز ثلاث تساؤلات عن الاسباب التي دفعت الحزب الحاكم في كوردستان للقيام بهذا الاجراء .وخاصة انه بات مقتنعا تماما بانه سيخسر الاغلبية التي تمكنه من الحصول على المواقع القيادية عند تشكيل اي حكومة مقبلة . وقد تكون الاسباب التالية اهمها .
اولا :
( قد يكون الامر غريبا ) ولكن التعنت الكوردي المعروف لدى الفرد والشخصية الكوردية هو السبب للقيام بهذا الامر ….!!!!!
ثانيا :
قد يكون القرار المتخذ نتيجة المشورات التي يقدمها مستشاروا الحزب من الشخصيات الدولية واخرى محلية . ( رأينا ذلك في الاستفتاء )
ثالثا:
قد تكون هناك خطوة او خطوات مقبلة تعقب هذا الانسحاب في حال لم تتخذ الحكومة العراقية اي اجراء للتوصل الى حلول مع حكومة كوردستان والتي يقودها بشكل رئيسي البارتي , وهذه الخطوات قد تتمثل بالاعلان عن الانسحاب كليا من العملية السياسية في العراق , ورفض الاجراءات التي اعلنتها المحكمة الاتحادية جملة وتفصيلا والغاء الانتخابات المقبلة والتنازل عن بعض مكاسبه لصالح حزب الاتحاد الوطني , لاقناعه بخطورة القرارات التي صدرت من بغداد وجره مرة اخرى للمشاركة بصورة اوسع في حكم الاقليم واظهار الشرعية امام الرأي العام الدولي ثم اعلان استقلال حكومة كوردستان عن الادارة العراقية اداريا وماليا , مع البقاء ضمن حدود الدولة العراقية
رابعا :
القيام باستحداث اوضاع غير عادية في الاقليم او في المناطق المستقطعة تضطر معها الحكومة الاتحادية للتراجع عن قراراتها او التفاوض مع حكومة الاقليم للتوسط الى حلول وسط ترضي الاحزاب الحاكمة في كوردستان
فبالنسبة للنقطة الاولى :
معروف عن الشخصية الكوردية كسلوك اجتماعي تعنتها واستمرار تصلبها في رأيها الذي تتخذه دون الالتفات للمخاطر الناجمة عن ذلك ومهما كانت العواقب المترتبة عن هذا التصلب في الرأي ويبدو هذا الامر واضحا في كل الخلافات التي تعصف بالعلاقة بين البارتي وحزب الاتحاد حيث من الممكن ان يتم تنازل هذين الحزبين عن بعض الحقوق الكوردية وعن حقوق المواطن الكوردي للدول المجاورة مع الاستمرار بالتمسك بارائهما ومواقفهما المتعارضة مع بعضهما وعدم التنازل لبعضهما البعض حتى لو شكل ذلك تهديدا مباشرا على كيان الاقليم كما يحصل الان من قيام تركيا وايران بقصف اراضي الاقليم وتدخل المحكمة الاتحادية والوزارات الاتحادية بالعمل الاداري لمؤسسات الاقليم .
اما بالنسبة للنقطة الثانية وهي الاستماع لمشورة بعض المستشارين الدوليين او المحليين العاملين لدى الحزب , فقد اثبتت الاحداث واثبتت السياسات التي تتبعها حكومة الاقليم , عدم صحة جميع اراء هؤلاء المستشارين وعدم دقتها للمطابقة مع اوضاع المجتمع الكوردي , وفشل السياسة الاقتصادية المتبعة حاليا ولا سيما بالنسبة الى رواتب الموظفين وبالنسبة للركود الاقتصادي الذي يسير من سيء الى اسوأ , والتي نعتقد بان نصائح هؤلاء المستشارين وضغوط تركيا سببان رئيسيان لما يتجه الاقليم اليه من فشل السياسة الاقتصادية المتبعة في كوردستان
والخيار الثالث وهو اقناع حزب الاتحاد العودة الى حضن حكومة الاقليم والمشاركة الفعالة في موقف التصدي لقرارات المحكمة الاتحادية حيث سيعطي زخما اكبر للبارتي عند تصديه لاجراءات حكومة بغداد , وهو خيار ليس بالسهل ولا سيما ان حزب الاتحاد كان له دور فاعل في اتخاذ المحكمة الاتحادية لهذه القرارات , كما هذا الحزب قد همش تماما على مدى عمر الكابينة الحالية لحكومة الاقليم ,لذا من حق قيادة الحزب ان تتردد في قبول عرض البارتي وخاصة ان السنين السابقة قد اثبتت عدم التزام الطرفين بالاتفاقات الموقعة بينهما ., والامر الوحيد الذي ابقى على علاقة الحزبين هو توزيع الموارد المالية بين الطرفين حيث يضطر البارتي لدفع نصيب حزب الاتحاد نتيجة وقوع معظم مشاريع النفط والغاز ضمن مناطق حكم ذلك الحزب , لذا اذا كان حزب الاتحاد قد استفاد من تجاربه الفاشلة السابقة مع البارتي فمن الصعب اقناعه بالعودة الى الشراكة التقليدية في حكم الاقليم . كذلك اذا كان البارتي يفكر بالاتجاه نحو هذا الخيار فعليه اثبات حسن نيته امام غريمه الدائمي حزب الاتحاد الوطني .
بالاضافة الى ذلك على البارتي اقناع تركيا وايران بان خطواته تلك لن تؤدي الى الاستقلال التام عن العراق ولن تؤدي الى تشكيل دولة كوردية , ونعتقد انه من الصعب الحصول على موافقة هاتين الدولتين في اي امر يمهد لخطوة متقدمة نحو الاستقلال التام عن العراق .
والخيار الاخير هو الخيار الاسهل امام البارتي وهو الذي سيضرب عدة عصافير بقرار واحد , وهو القيام باحداث اوضاع غير عادية داخل الاقليم او في المناطق المستقطعة وخلق توترات مؤثرة امام حكومة بغداد التي كسبت تأييدا دوليا واقليميا لاول مرة منذ عام 2003 والتي تسعى للحصول على استقرار الاوضاع الامنية والاقتصادية والاجتماعية , كما ان قيام البارتي , بهذا الاجراء سيمكنه من التخلص من اعباء توفير الرواتب لموظفيه بذريعة الدفاع عن امن كوردستان وعدم العودة تحت سلطة بغداد مرة اخرى والتي يتخوف منها الشعب الكوردي , كما سيكون على حزب الاتحاد ان يتخذ موقفا قوميا وبهذه الحالة عليه الرضوخ للخطوات التي يقوم بها البارتي او سيدفع ثمنا باهضا في حال اصطفافه مع الحكومة الاتحادية , كما ان البارتي لن يتخوف من الدول المجاورة في اي عملية من هذا النوع طالما كانت ضمن باب المنافسة مع الاحزاب الشيعية والسنية من اجل الحصول على مكاسب داخلية لن تؤدي الى اي نوع من الاستقلال .
ونعتقد ان جميع هذه الخيارات اشبه بسيف ذي حدين , وقد غامر البارتي باعلانه هذا مسايرة للمثل القائل ( علي وعلى اعدائي ) , فهو قد اعلن عن هذا الامر وسينتظر ردود الفعل من جميع الاطراف وسيتخذ الخطوة المقبلة بناء على مواقف الاطراف الاخرى , واذا لاحظ بان خطوته هذه خاطئة ولن تجلب له سوى الخسارة الكلية فقد يكلف احد الاطراف الموالية له للطلب منه بالتراجع عن خطوته , وقد يستفيد من هذا الموقف لكسب رأي الشارع الكوردي وهو امر نعتقد انه ضعيف جدا نظرا للغضب المتزايد من سياسته الاقتصادية المتبعة حاليا .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here