انتخابات كردستان مرهونة بمشاركة البارتي: الانسحاب يضر بشرعية العملية السياسية

بغداد/ سوزان طاهر

منذ تأسيس أول برلمان لكردستان في عام 1992، لم يغب الحزب الديمقراطي الكردستاني عن أية انتخابات وكان حاضراً في جميع الدورات البرلمانية الخمس السابقة.

والحزب الديمقراطي الكردستاني هو الحزب الأكبر في إقليم كردستان، وله تأييد واسع وخاصة، في محافظتي دهوك وأربيل، وحصل في آخر انتخابات لبرلمان كردستان على 45 مقعداً، ما مكنه من الحصول على الأغلبية بفارق كبير عن أقرب منافسيه.

مؤخراً أعلن المكتب السياسي للحزب الديمقراطي في بيان له عدم مشاركته في انتخابات برلمان كردستان “لأنها تجري وفق قانون مفروض من بغداد ويمنع السلطات القضائية في إقليم كردستان من الإشراف عليها، وهو ما يخالف الدستور العراقي”.

واعتبر الديمقراطي الكردستاني قرارات المحكمة الأخيرة امتدادا لسلسلة قراراتها غير الدستورية ضد الإقليم خلال السنوات الأربع الماضية، “وتم تحذير الرأي العام من ذلك”. وعدّها خرقا فاضحا وخطيرا للدستور وإجهاضا للنظام الديمقراطي في الإقليم، ومحاولة للعودة بالعراق إلى نظام الحكم المركزي، منتقدا هيكل المحكمة الاتحادية بشكلها الحالي، وفق البيان ذاته.

وقبل ذلك أصدرت المحكمة الاتحادية قراراً بإلغاء مقاعد كوتا الأقليات في برلمان كردستان والبالغ 11 مقعداً، ليصبح العدد الحالي 100 مقعد فقط، كما تم تقسيم الدوائر الانتخابية في كردستان إلى أربع دوائر، فيما قررت المحكمة إشراف المفوضية العراقية على انتخابات برلمان كردستان.

ويأتي السؤال الأبرز، هل يمكن إجراء انتخابات برلمان كردستان المقرر إقامتها في العاشر من حزيران المقبل، في ظل غياب الحزب الديمقراطي الكردستاني وهو الحزب الأكبر في الإقليم؟.

نسبة مشاركة متدنية

يرى عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني محمد عامر الديرشوي أن، “السؤال الأهم هو أساسا لماذا يجب إجراء الانتخابات في إقليم كردستان دون مشاركة الحزب الديمقراطي الكردستاني”.

وذكر في حديثه لـ(المدى) أن “المحكمة الاتحادية تدخلت في موضوعين في الأصل ليس من اختصاصها وجانبيا ذهبت إلى إبطال روح وجود البرلمانات في الأقاليم، فالبرلمان وجد من أجل القرارات المصيرية”.

وأضاف أن “الحزب الديمقراطي هو أكبر حزب على مستوى العراق ليس فقط على مستوى إقليم كردستان، وأن هذا الحزب يمنح الشرعية الجماهيرية لانتخابات البرلمان الاتحادي، فلو أن الحزب الديمقراطي الكردستاني والسنة ايضا لم يشاركوا في الانتخابات كم كانت نسبة المشاركة في المدن الشيعية العراقية”.

وأشار إلى أنه “ليس فقط الحزب الديمقراطي من سيقاطع انتخابات برلمان كردستان وانما المكونات الأخرى من المسيحيين والتركمان الذين حرموا من تمثيلهم النيابي، جراء إلغاء مقاعدهم من قبل المحكمة الاتحادية، وهنا نحن أمام مشكلة كبيرة ونسبة مشاركة متدنية جداً”.

وأكمل، أن “الديمقراطي الكردستاني ليس مجرد رقم من أرقام الأحزاب الكثيرة، هو حزب يمتلك الجمهور الأقوى، والحزب في بيانه ناصر مكونات كردستان التي حرمت من التمثيل النيابي، ونحن أمام مشكلة فوضى نتيجة قرارات المحكمة الاتحادية”.

وتابع أن “هذه الفوضى يجب أن تحل عن طريق العقلاء، لآن استمرار هذه القرارات قد يؤدي لانسحابات أخرى للديمقراطي من البرلمان والحكومة والعملية السياسية، وهذا الأمر يضر بشرعية العملية السياسية في العراق، والتي يشكل الديمقراطي ركناً أساسياً فيها”.

حكومة لا تمثل الشعب

في السياق ذاته، يقول عضو برلمان إقليم كردستان السابق عبد السلام برواري إنه، “منذ عام ١٩٩٢ الحزب الديمقراطي الكردستاني، هو الحزب الوحيد الذي حافظ على حجمه واستطاع تمثيل جمهوره في البرلمان”.

ويضيف في حديثه لـ(المدى)، أن “الحزب الديمقراطي كان دائماً الأول، وأقرب المنافسين له لا يصلون نصف عدد مقاعده، ولو حصل مافي الحسبان واجريت الانتخابات، فهذا يعني بأنه لا معنى لها، لآن عدم مشاركة الديمقراطي في كل من أربيل ودهوك فقط يعني فقدان أكثر من 60% من المصوتين”.

وأردف أن “أكثر المصوتين في محافظتي أربيل ودهوك هم للحزب الديمقراطي الكردستاني، وأي حزب سيحصل على نسبة معينة، فسيكون مضحك أن يطالب بتشكيل حكومة”، (بحسب قوله).

وتابع أن “أي حكومة خالية من تمثيل الحزب الديمقراطي لن تكون حكومة تمثل الشعب، ولن تكون مؤهلة أن تتحمل مسؤوليات حل المشاكل والخلافات بين بغداد والإقليم”.

واعتبرت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق “يونامي” في بيان لها أنه من الضروري إجراء الانتخابات في وقتها المحدد في العاشر من يونيو/حزيران المقبل، وذكر البيان أيضا “ندعو جميع الأطراف إلى العمل من أجل مصلحة الشعب والتوصل إلى حل”.

وبعد إعلان الديمقراطي مقاطعة الانتخابات زارت العديد من البعثات الدبلوماسية والقناصل والسفراء الأجانب مدينة أربيل والتقت بزعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني وأعضاء المكتب السياسي للحزب، لغرض ثنيهم عن قرار المقاطعة.

الإطار “مطالب” بالتحرك

يؤكد المحلل السياسي والأكاديمي علي اليوسف بأنه، من الاستحالة إجراء انتخابات لبرلمان كردستان، دون مشاركة الحزب الديمقراطي الكردستاني.

وقال اليوسف في حديث لـ(المدى) إن “الديمقراطي لديه عتب كبير على الشركاء في ائتلاف إدارة الدولة، وخاصة قادة الإطار التنسيقي، لأنهم تخلوا عن الاتفاقات المبرمة بين الطرفين، وبالتالي عدوله عن قرار المشاركة، مرهون بمصالحته أولاً، وإصلاح الخلل الذي حصل بعد قرارات الاتحادية”.

وأضاف أن “المجتمع الدولي، لن يسمح بإقامة انتخابات لبرلمان كردستان دون مشاركة الحزب الديمقراطي، وبالتالي الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني عليها أن تدرك هذا الأمر، وقادة الإطار أيضاً يجب أن يدركوا هذا الأمر، وسيكون هنالك تحرك لإقناع الديمقراطي بالعدول عن قراره، والعودة للمشاركة”.

ويملك الديمقراطي الكردستاني 32 مقعداً في البرلمان العراقي، فيما حصل على 45 مقعداً، في آخر انتخابات لبرلمان كردستان، ويعتبر هو الحزب الكردي الأكبر من حيث عدد المقاعد، سواءً في بغداد أو الإقليم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here