من يحمي كرامة وحصانة الصحافي والإعلامي في العراق !!

الكاتب : د . خالد القرة غولي

الإعلام وتحديدا خلال العقد الأول من القرن الجديد تميز بانتشار واتساع نطاق البث الفضائي الذي شمل قنوات متنوعة تتكاثر وتتنافس ، وبات جهاز «الرسيفر» في البيت أو حتى المتجر والصحن اللاقط فوق أي مبنى بغض النظر عمن يشغل هذا المبنى من حيث المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو العلمي علامة مشتركة أو من الضروريات لا الكماليات ؛ وكذلك انتشار وازدياد مواقع الإنترنت الإخبارية ، وهي زيادة تناسبت طرديا مع الارتفاع الملحوظ في أعداد مستخدمي شبكة الإنترنت عموما ولخدمات الشبكات الإخبارية الإلكترونية خصوصا؛ووجود خدمة إيصال الخبر ونشره من خلال الهاتف النقال الجوال الإخباري انطلاقا من وكالات إخبارية ومحطات فضائية .
و تعد وسائل الإعلام من أهم وسائل الاتصال بين أفراد المجتمع الواحد والمجتمعات المتعددة لا سيما بعد التطور الذي حصل في عالمنا اليوم . و في جميع أنحاء دول العالم ، والإعلام يقوم بدور الموجه في أسلوب تكوين وتطوير الثقافة في مختلف أوجه أنشطة المجتمع ، فالإعلام جزء مهم من عملية خلق الوعي ورفع مستوى الثقافة بين الجماهير لإيجاد العلاقات الايجابية بين الأفراد والمجتمع مع التربية العامة بصفتها ظاهرة اجتماعية وحضارية مرتبطة بالمجتمع ، ولما للثقافة العامة من خصوصية في المجتمع فقد تكونت لها منظومة إعلامية خاصة بها ويقصد بالمنظومة الإعلامية مجموعة الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية في مجتمع من المجتمعات وفي مرحلة تاريخية معينة تكونت هذه المجموعة على قدر من التنوع الكمي والكيفي ومن التوزيع الجغرافي كي تكون كافية ليمارس المجتمع نشاطه الإعلامي الذي يغطي البلد كافة ويستجيب لحاجات واهتمامات واختصاصات وهوايات ومهن ومصالح الشرائح والفئات الاجتماعية كافة وهذه المنظومة تضم جميع وسائل الإعلام من صحف ومجلات ومحطات إذاعة وتلفزيون وفضائيات والتي تنفرد باختصاصها بالمجال العام والخاص أو تعطي جزءاً منها لتغطية النشاطات كافة ويتوقف تطور هذه المنظومة في أي بلد على حسب نظرة المجتمع للصحافة والإعلام وإيمانه بأهميتها كما يعتمد على إمكانياته المادية والبشرية وفرص الاستثمار في هذا المجال ، إن الإعلام وعبر وسائله المختلفة (المقروءة – المسموعة – المرئية) يؤدي دوراً كبيراً في رسم الصورة الجديدة للمؤسسة الإعلامية الحديثة في العراق سواء كان على الصعيد الداخلي أم على الصعيد الخارجي ويسهم بشكل كبير في إبراز أهمية مهنية الإعلام والصحافة وما تناولته تلك الوسائل من توضيح لمفهوم التربية الصحفية وأهميتها للناس ودفعهم إلى أن يتحولوا إلى كيفية فهم الديمقراطية الحقيقية ، ولوسائل الإعلام دورٌ كبير في دفع الروح الحماسية الشريفة للمواطن وربط الأداء بسمعة البلد وما يترتب على ذلك الانجاز من زهو وفخر لوطنيته ، ولكون الصحافي والإعلامي انعكاس دقيق للحياة فإن دور وسائل الإعلام أصبح أكثر أهمية في تحديد مكامن الخلل وتأشير المسارات الصحيحة للنهوض بالقطاع العام باتجاه التربية الثقافية والعلمية لأبناء المجتمع ، للنخبة المتميزة من الصحافيين والإعلاميين الّذين يطمحون لتحقيق الانجاز الأفضل باعتبار تلك الوسائل نافذة لكل ما هو متقدم ومتطور يطل عن طريقه المختصون على أحدث ما توصلت إليه النظريات والبحوث والدراسات العلمية فضلاً عن دورها في نشر الثقافة العلمية والإعلامية الحديثة لقطاعات واسعة من الجماهير وصولا لخلق وعي صحفي وإعلامي متميز يسهم في تطوير الصحافة والإعلام في كافة مؤسسات الدولة الحديثة وتقدمها ، ومن ثم الإسهام في حركة تطور ونهوض المجتمع ، وإن من أبرز المعوقات هي ضعف الثقافة الإعلامية والصحفية للمواطنين وتركيزهم على نوع واحد من أنواع الاستماع وترك الأنواع الأخرى وقلة خبرة الإعلاميين والصحفيين بأنواع الفعاليات المهنية ودور الجمهور السلبي في الوسط الإعلامي والصحافي اليوم في العراق ودكتاتورية طرح المواضيع في قسم من وسائل الإعلام وعدم دعوة الإعلاميين والصحفيين إلى أنشطة واقعية مقبولة وبهذا فإنني أرى ومن وجهة نظري أذا أردنا من الإعلام أن يسهم في تطوير الحركة الإعلامية والصحفية المختلفة في العراق وبشكل متوازن زج الإعلاميين والصحفيين في دورات متخصصة في مجال التطور الحديث في دول متطورة وضرورة الاهتمام بتثقيف الوسط الإعلامي والصحفي للمساهمة في دفع عجلة التقدم الإعلامي نحو الأفضل والالتزام بالموضوعية في طرح المواضيع الصحفية المختلفة الشخصية أو العامة وممارسة الديمقراطية في الطرح لان صحافتنا وأعلامنا اليوم في أزمة حادة وخطيرة وهي وجه من وجوه الأزمة العامة التي تشمل كل شيء، بسبب عدم اعتماد المنهجية الديمقراطية في تدبير الشأن العراقي العام ، سواء في بعده السياسي والاقتصادي أو الاجتماعي أو الإعلامي. ولم تكن طريقة تسيير كافة المؤسسات الإعلامية العراقية المبتعدة عن منهجية التدبير الجيد سوى مظهر من المظاهر الجلية والخفية لهذه الأزمة ، حيث تشكل الفضيحة التي فجرها المغرضون في ازدياد انتشار عدد من المطبوعات الصحفية الغير مهنية من قبل الأحزاب والكيانات السياسية العراقية قبل انتهاء وقتها القانوني المعتمد لدى الحكومة العراقية وزيادة عدد الفضائيات الطائفية المتطرفة التي زاد عددها في العراق اليوم . ولا شك أن الفهم الحقيقي لطبيعة هذه الأزمة ، يقتضي الوقوف عند الجوانب القانونية المنظمة للمشهد الإعلامي العراقي ، التي يكتنفها الكثير من الغموض وربما التعارض، بل يصل الأمر إلى حد التنكر لروح بعض القوانين وعدم احترام مضامينها أثناء التطبيق . ولا زال المواطن في العراقي يصاب بالحيرة والحسرة عندما يتذكر الظروف التي تم فيها تدمير ملف وزارة الإعلام العراقي ، هذه الكارثة التي حلت بهذا البلد بعد اجتثاث وزارة الإعلام العراقية بدون سبب ، التي أصبحت تحت تصرف البزة السياسية الطائفية العراقية في سابقة خطيرة على مستقبل الثقافة الإعلام في العراق بالمباركة والتهليل ، سواء خلال المرحلة السابقة ، أو بعد دخول قوات الاحتلال وقرارات السفير بريمر سيئة الصيت ، وتم الاقتصار على تشكيل مجاميع من الهيئة العامة للإعلام من المغرضين متوهمين أنهم أصبحوا قادة وهمين إعلاميين . وهذه العناصر بعيدة كل البعد عن الشرعية الإعلامية الدولية مع تخويله صلاحية تشكيل شبكة الإعلام تحت الوصاية السياسية العراقية بطريقة نفّع واستنفع ، في إطار سيناريو محبوك مسبقا بدقة متناهية ، توج بالتصفيقات التي هزت شاشات الفضائيات والصحف التابعة لهم ، علما أن المجتمعين لم يكترثوا آنذاك للتعديلات القانونية التي رافقت تلك الاجتماعات وإقصاء عدد كبير من الأسماء اللامعة العراقية التي لها تاريخ مشرف في سجل التاريخ الإعلامي والصحفي العراقي ، حيث اقتصر الاهتمام بضمان الحضور لمجموعة النخبة والهواة ورؤساء التدبير الأعمى ، وقرر المستفيدون والمنتفعون والمجتمعون أو ( المؤتمرون ) الابتعاد كليا عن المنهجية الديمقراطية، وعدم احترام القانون من خلال منح صلاحية تشكيل شبكة الإعلام خاص فقط ليس ألا ، وهو ما يدفع المتتبعين إلى التشكيك في جدوى القوانين التي يتم سنها . وفي هذا الإطار بالضبط لابد من الإشارة إلى الحاجة إلى وضع دراسة قيمة يمكن أن يضعها البرلمان العراقي حول أصلاح البيت الصحفي والإعلامي العراقي , ويجب هنا إشراك كافة الزملاء الكبار من رواد الصحافة والإعلام في المهجر وفك القيود المفروضة عليهم . وأدعو البرلمان العراقي الغائب الحاضر إلى إيجاد صيغ جديدة لإبعاد الطارئين والمغرضين والفاشلين والحاقدين والطائفيين ممن لم يحملوا الشهادات الصحفية والإعلامية وممن تنقصه المهنية الإعلامية والصحفية المحقة عن سكة الإعلام والصحافة في العراق اليوم وإقرار قانون يعيد لهم حقوقهم , ولكي تصب مهنية الإعلام والصحافة في مجرى تطوير الإمكانيات التي ستوحد العرقيين جميعا لكي نحفظ ونسترجع كرامة وماء وجه الصحفي والإعلامي في العراق من جديد ومن الله التوفيق لزملاء مهنة المتاعب
ولله – الآمر

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here