كلما إشتد الصراع بين قوى الخير والشر يطفو على الساحة حديث قرب الظهور المقدس

وقضية الامام المهدي والظهور بدأت تتزعز لدى البعض نتيجة لطول الغيبة وكذلك لعدم تصديق البعض في بقاء شخص حيّ لمئات والاف السنين وما الحكمة من ذلك وهذا التزعزع لمحدودية العقل والتعامل مع القضية بالمنظور الواقعي لا بالمنظور الايماني والقراني والقدرة الالهية وهو نتيجة عدم الثقة بأقتدار الله فلو قلت لأحد من هؤلاء ان علماء الطب توصلوا لطريقة او علاج يبقي الإنسان حيّ لقرون سوف يصدق فوراً لثقته وإيمانه بمراكز البحث العلمية ويحتج بوجود ادلة على مصداقيتهم بما اخترعوا وأوجدوا من صناعات وعلوم لكن عندما يتعلق الأمر بأقتدار الله يشكك في الأمر رغم ما يرى من قدرة هذا الخالق في عجائب الكون .
سيكون الرد قرآنياً على هذا التشكيك والتزعزع ففي القصص القراني عبرة لمن يُنكر ولايصدق وهذا الدليل القراني هو لمن يعتقد بالقران اما من لايعتقد فلايمكن الاثبات له قرانياً وعليه ان يتفكر في خلق السماوات والأرض فمن اوجدهن قادر على ان يمد بعمر الانسان ان أراد ذلك فهو من ايسر الامور عند الله وكلها يسيرة (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) .

في اشكال البعض على طول العمر للامام الغائب واستحالة هذا الامر فليس بين ظهرانينا من عاش مئات السنين يذكر القران قصة نوح وعمره الممتد اكثر من الف عام فمن استطاع ان يبقي نوح حيّاً لآلاف السنين يستطيع ان يبقي الامام المهدي حيّاً
الاشكال الاخر يقولون ان نوح صحيح يذكر القران طول عمره لكن يذكر تواجده بين قومه ودعوته لهم للايمان بالله فهم يرونه وهذه الحالة غير موجودة في قضية المهدي فيذكر لنا القران أمر عيسى عليه السلام إذ يذكر لنا القران انه لم يُقتل ولم يُصلب وانه حيّ إدخره الله لأمر في اخر الزمان فهو مختفي الان وليس له فعل ظاهري بين اتباعه وهذا الامر مشابه لقضية الامام المهدي فالله قد اخفاه وادخره لامر أخروي والغاية من بقاء عيسى والمهدي حيّين هو بقاء شهادتهما ورؤيتهما للاجيال ولاتباعهما وسير التاريخ وهذا يكسبهما خبرة في طريقة تعاملهما مع الامور عندما يؤذن لهما بالظهور.

سبب تأخر الظهور
تبقى قضية الظهور قضية ألهية هو اعرف بوقت نفاذها وهي شبيهة ببعثة الرسل والانبياء فترى انبياء بُعثوا تترا وترى انبياء يفصل بين بعثتهم مئات والاف السنين فهذا راجع لحكمة الله
الامر الاخر الظهور المهدوي هو امتداد للبعث المحمدي فالله قد ارسل رسوله الكريم رحمة للعالمين فهو مبعوث للعالم بأجمعه وليس لمكة او المدينة او هذا البلد او ذاك والظهور المهدوي هو عالمي لنشر العدل في كل العالم والعدل غاية عُليا وأصل من اصول الدين لم يتحقق بشكل عادل وتام فكثير ممن يطبق العدل في بلدانهم يظلمون ويقتلون خارج حدودهم والله يُريد حُكما ينشر العدل بالتساوي في هذه المعمورة وحتى يتمكن الامام المهدي في نهضته العالمية يحتاج قاعدة جماهيرية عالمية وأتباع مطيعين دينهم عالمي وليس مناطقي وقطري فنحن المسلمون وغير المسلمين تديننا مناطقي فايماننا قطري اكثر مما هو عالمي ألهي بمعنى آخر ان أمر وطننا هو غايتنا في الدين وليس أمر العالم كله هو غايتنا من الدين وخروج الامام يحتاج الى أنصار غايتهم عالمية وهذا امر صعب نتيجة تغلغل الفكر القومي والقطري في نفوسنا فكل واحد منا من أعلى معرفة دينية الى اقل صاحب معرفة دينية ومن اكثر شخص تقوى الى اضعفهم تقوى ايمانه وحبه لوطنه يفوق ايمانه بدينه فالدين هو الوطن والوطن هو الدين فهو يتقبل الاية (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص ‏من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ) هو يتقبل هذه الاية ويصبر على الابتلاء اذا كان الامر متعلق بوطنه لكنه يرفض الصبر ويتجنب الابتلاء اذا كان الامر خارج وطنه وهذا الامر قديم مرت به الاقوام السابقة فمثلا بني اسرائيل قالوا لموسى اذهب انت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون لانهم يعيشون حياة طيبة فأمر الاخرين والتصدي للجبّارين خارج البقعة التي يعيشون فيها لايعنيهم .
وأهل الكوفة قد ضاقوا ذرعاً بالامام الحسن وهو يدعوهم لمحاربة معاوية فهم يعيشون حياة طيبة في الكوفة فمالهم وأمر معاوية وأهل الشام حتى وصل بهم الامر محاولة التخلص من الامام الحسن فطعنوه في فخذه مما اضطره للذهاب عند واليه على المدائن سعيد بن مسعود الثقفي عم المختار .
والامام الحسين عندما ارسل رسوله مسلم بن عقيل للكوفة قال له سليمان بن صرد الخزاعي وهو كبير الشيعة وفقيههم في الكوفة قال له لانرى في القيام والثورة من فائدة لكن لانمنعك من الثورة ولكن لاتنتظر عوناً ونصراً منا وتبع كبار وشيوخ الكوفة سليمان في موقفه هذا وتركوا مسلم وحيداً ومن بعد ذلك الامام الحسين وحيدا وهذا الموقف الخاطيء احس به سليمان بعد مقتل الامام الحسين وفوات الاوان وكي يُكفّر عن خطئه قام بثورة التوابين الانتحارية كي يستشهد لعل الله يغفر له .
اذاً قضية ان تضحي لامر ديني خارج وطنك وبلدتك امر صعب لايتحمله اهل التُقى فكيف بضعافهم غالبيتنا العظمى لاتتقبل التضحية لقضايا لاتمس واقعنا وحياتنا وهو امر صعب مستصعب كما قلت لذا كلامنا حين نقول عند ذكر الامام المهدي ارواحنا لتراب مقدمه الفداء غير حقيقي فنحن لاطاقة لنا مع ايماننا الحالي المناطقي القطري لا طاقة لنا ان نكون انصاراً واتباعاً حقيقيين للامام المهدي وحتى نصل الى مرحلة الايمان العالمي والتقوى العالمية الكلية كي نكون اتباع حقيقيين للامام نحتاج الى اجيال تمر بتجارب ايمانية تُعمّق عندهم فكرة الايمان الكلي العالمي وهو امر صعب للغاية نتيجة الضروف الدولية والصعاب التي تُحيط بمن يحاول ان يجاهد وينصر الحق خارج حدود رقعته الجغرافية وخارج وطنه فالقوانين الدولية قد تعطيك بعض الاحيان حقاً لتغيير واقع بلادك وإقامة العدل وإحقاق الحق ضمن حدودك الجغرافية لكن مثل هذا التحرك خارج حدودك عندما تحاول مساعدة شعوب اخرى لإقامة العدل وإحقاق الحق يُعتبر تعدٍ واره اب وتجاوز للقوانين الدولية وهذا عامل اخرى مُثبط إضافة لإيماننا المناطقي القطري يجعل الاهتمام بنشر العدل واحقاق الحق خارج مناطق ودول عيشنا امراً يجب ان لانمارسه بل لانفكر به
اليوم قد ترى قائد هنا وقائد هناك وفصيل مجاهد هنا وفصيل هناك بدأ يتدرج في الانسلاخ من الايمان القطري المحلي المناطقي والولوج في الايمان المحمدي المهدوي العالمي رغم الصعاب والتحديات لكن نسبتهم قليلة والى أن تكون النسبة معقولة ومعتد بها لنصرة الامام قد يحتاج الامر الى زمن اطول واجيال اخرى ايمانها عالمي يعتمد عليهم الامام في نهضته العالمية وقد نراه بعيداً ويراه الله قريب

ضياء الخليلي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here