قمة مجموعة العشرين اوساكا

[email protected]
ساهر عريبي

أنهى الإجتماع الرابع عشر لمجموعة العشرين (G20) أعماله في أوساكا باليابان, بعد مباحثات استمرت لمدة يومين دون اتفاق حول قضايا التجارة وتغير المناخ. وخيّب البيان الختامي للقمة آمال خبراء الاقتصاد والمتابعين للحركة اقتصادية العالمية, إذ اعتبرت النتائج التي خرجت بها القمة غير مرضية خاصة وان هذا المنتدى العالمي الذي تأسس العام 1999 بسبب الأزمات المالية التي ضربت العالم في التسعينات, يهدف لتفادي أو معالجة مثل تلك الأزمات.

إذ يمثل هذا المنتدى ثلثي التجارة وعدد السكان في العالم ويمثل أيضا أكثر من 85 بالمئة من مجموع الناتج المحلي الخام لجميع بلدان العالم, وكان الهدف الأساس من تأسيسه هو تعزيز الاستقرار المالي الدولي وإيجاد فرص للحوار ما بين البلدان الصناعية والبلدان الناشئة، بغية نقاش قضايا أساسية في الاقتصاد العالمي.

لكن النزاعات التجارية التي تعصف بين عدد من اعضائه خيّمت على اجواء القمة وخاصة النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين, إضافة الى الموقف الأمريكي من التغير المناخي, وأدت تلك النزاعات الى إنتهاء أعمال القمة دون اتفاق حول قضايا التجارة وتغير المناخ. فقد خلا البيان الختامي من أي إشارة الى التنديد بالحماية التجارية بسبب الموقف الأمريكي المؤيد لها, كما لم تتمكن القمة من التوصل إلى أرضية مشتركة بشأن ملف المناخ, غير أنها حذّرت من أن النمو الاقتصادي العالمي لا يزال ضعيفا.

وكانت أبرز التطورات التي رافقت القمة هو إتفاق الولايات المتحدة والصين على استئناف محادثات التجارة بينهما بعد ان أكد ترامب، السماح للشركات الأميركية ببيع منتجاتها لشركة هواوي الصينية، التي كان قد فرض عليها حظرا، في وقت سابق. ولم تغب القضايا السياسية عن اجواء القمة, فقد طالب رئيس الوزراء التركي ولي العهد السعودي بالكشف عن قتلة الصحفي جمال خاشقجي, لكن الرئيس الأمريكي سارع الى تبرئة ولي العهد من الجريمة معتبرا انه لاعلم له بها.

واستحوذ النزاع في سوريا وصفقة صواريخ (أس400) الروسية الى تركيا والتوتر الأمريكي مع ايران, على إهتمام الدول المشاركة في القمة, وبدا أن هناكا تقاربا كبيرا بين ترامب وبوتين حول روسيا, فيما بقي الموقف الأمريكي من صفقة الصواريخ الروسية يراوح مكانه بالرغم من محاولة ترامب إعطاء رئيس الوزراء التركي العذر في إمضاء الصفقة ملقيا باللائمة على إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك اوباما الذي رفض تزويد تركيا بمنظومة صواريخ باتريوت. وفيما يتعلق بالملف الإيراني فقد أعاد ترامب تأكيده على منع ايران من الحصول على أسلحة نووية, معربا عن امله في ألا أن تضطر بلاده إلى استخدام القوة ضد إيران.

هذه النتائج المتواضعة التي خرجت بها القمة التي ستعقد نسختها الخامسة عشر أواخر العام الحالي في المملكة العربية السعودية, أثارت شكوكا جدّية حول جدوى هذا التكتل الذي أنشئ بهدف تعزيز التجارة والحيلولة دون إنزلاق العالم في ازمات إقتصادية تكون لها تداعيات كارثية على دول العالم. فقد اضحى هذا التكتل مكبّلا بالقرارات الأحادية الجانب التي تتخذها الإدارة الأمريكية ودون الأخذ بنظر الإعتبار مصالح الدول الأخرى بعد ان رفع ترامب شعار امريكا أولا, وتراجع إهتمامها بالمخاطر التي تواجه هذا الكوكب وتهدد مستقبله وفي مقدّمتها التغييرات المناخية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here