بيان: تضامناً مع إقليم كردستان العراق

لا يُخفى على أحدٍ ما قدّمه الشعبُ الكردي من تضحياتٍ جسام وقوافل شهداء على دروب الحرية في أجزاء وطنه المقسم بين أربع دول. ولا تغيب عن المتابع للقضية الكردية مرارة المآسي التي تجرّعها أشقاؤنا في كردستان العراق وخاصةً على أيدي نظام حكم البعث الدموي الذي مارس مختلف أنواع القتل والإبادة الجماعية بحقهم، مستخدماً أسلحة الدمار الشامل والسلاح الكيميائي المحرّم دولياً.
إثر العملية الإرهابية التي طالت الولايات المتحدة الأمريكية في 11 أيلول 2001، والتي أعقبتها الحربُ على تنظيم القاعدة الإرهابي في أفغانستان، ومن ثمّ إسقاط نظام صدام حسين على أيدي القوات الأمريكية وحلفائها، وإعادة تأسيس الدولة العراقية على أسس فيدرالية وحصول إقليم كردستان على بعض المكاسب والحقوق بموجب دستور جديد، تفاءلَ الكُـرد خيراً في العيش بحرية وكرامة ضمن عراقٍ جديد، بعيداً عن التمييز والعنصرية، إلا أن الحكومات المتعاقبة في بغداد مع بقائها أسيرة نزعاتٍ طائفية وتدخلات إيران الفظة في شؤونها، وفشلها في بناء دولة المؤسسات والشراكة الحقيقية بين المكونات، لم تَفِ بالتزاماتها الدستورية تجاه الكُـرد والإقليم الفيدرالي، رغم مرور عقدٍ ونيف من السنين، بدءاً من تعطيل المادة/140/ القاضية بتسوية وضع كركوك ومناطق كردستانية أخرى، التي حُدد لها سقف زمني، ومسألة النفط والغاز، مروراً بتهميش دور المسؤولين الكُـرد المشاركين في مؤسسات الحكومة المركزية والجيش، وانتهاءً بقطع حصة الإقليم من الموازنة الاتحادية، بهدف إرباك مؤسسات الإقليم وإثقال كاهلها في مرحلة حرجة توسعت فيها جبهات الحرب الشرسة التي شارك فيها الكُـرد إلى جانب التحالف الدولي ضد إرهاب داعش، وتضاعفت فيها احتياجات البيشمركه من سلاح وإمداد.
تلك الأسباب والعوامل شكلت الدافع الأكبر لقرارٍ اتخذته رئاسة وحكومة الإقليم معززاً بتأييد غالبية الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني بإجراء استفتاء عام في 25/09/2017 على تقرير المصير بالبقاء ضمن العراق أو الاستقلال، كممارسة لحق مشروع تكفله وثائق الأمم المتحدة ولا يتعارض مع فحوى الدستور العراقي، حيث حظي القرار بترحيبٍ واسع، تبلور من خلال مهرجانات تضامنية في الداخل والخارج، وصادق عليه برلمان الإقليم بتاريخ 15/09/2017.
ومنذ صدور القرار وحتى تاريخه لم تغير حكومة بغداد من طريقة تعاملها مع الإقليم، ولم تُعيد النظر في الاجراءات والتدابير الجائرة التي اتخذتها بحق شعبه، ولم تتقدم بمبادراتٍ جدية لاحتواء الموقف والعودة إلى الحوار، بل راحت تنسق سراً وعلناً مع إيران وتركيا، بهدف المزيد من التضييق على الإقليم وخنقه، لتشترك معهما في إطلاق التهديدات باستخدام القوة العسكرية ضده، في توجهٍ غريب يشرع أبواب العراق لتدخلات عسكرية من الجوار، ويضع العراقيين أمام احتمالات خطيرة، في مغامرة تعيد إلى الأذهان سلوكيات النظام البائد.
إننا في حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا، وانطلاقاً من توجهنا في التضامن والوقوف مع حقوق الأشقاء في أجزاء كردستان الأخرى واحترام خياراتهم، نرى بأن عملية الاستفتاء شأن عراقي، ليس من حق دول الجوار التدخل فيه، وأن الأمن القومي لأية دولة لا يعني تجاوز حدودها مع دولٍ أخرى، ونُعرب عن تأييدنا لقرار برلمان إقليم كردستان وقيادته السياسية في إجراء الاستفتاء بموعده المقرر، سيما بعد أن بلغت التحضيرات مراحلها الأخيرة، ونهيبُ بالأمم المتحدة والمنظمات الدولية تَحمُّل مسؤولياتها تجاه الاقليم وممارسة شعبه لحقه المشروع في الاستفتاء، كما ندين ونستنكر التهديدات التركية – الإيرانية المتصاعدة ضد حكومة الإقليم وشعبه، والتي تطال الكُـرد عموماً في تناول عنصري حاقد لحضورهم وقضيتهم من قبل حكومتي أنقرة وطهران، يحدونا الأمل في التمسك بضرورات حسن الجوار ولغة الحوار على قاعدة بذل كل الجهود من أجل السلم والحرية والمساواة، بعيداً عن لغة التهديد وافتعال الفتن والحروب.
21/09/2017
اللجنة السياسية
لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here