عودة خلايا داعش الى حمرين والمقدادية تؤرق بغداد وديالى

دتعجز قيادتان عسكريتان ونحو 30 ألف شرطي في محافظة ديالى عن الامساك بـ14 فرداً من داعش يهددون مناطق من المحافظة.

ويتحصن المسلحون في قرية صغيرة تقع شمال قضاء المقدادية، وتمتاز بكثافة المزروعات والقصب.

القرية الواقعة ضمن شريط من القرى المتجاورة، كانت القوات الأمنية والحشد الشعبي اعلنت السيطرة عليها قبل عامين. لكن الخطر المحيط بمحافظة ديالى، والذي بدأ يفسر بانه عودة بطيئة لداعش الى مناطق تم تحريرها عام 2015، لايقتصر على تلك القرية فقط.
الى ذلك أصبحت سلسلة جبال حمرين، التي ترتبط مع قضاء الحويجة غربي كركوك، منطقة لاستقطاب المسلحين للاختباء في مناطقها الوعرة.

وتشكل (مطيبيجة)، البلدة الصغيرة التي أعلن عن تحريرها 4 مرات، تهديداً مشتركا لديالى وكركوك، اذ يتسلل عبرها المسلحون لشن هجمات منفردة.

وبالإضافة الى تهديدات داعش، أصبحت النزاعات العشائرية مصدرا آخر لزعزعة الامن، اذ تتحدث أطراف محلية عن عمليات تهديد وتهجير في المناطق المختلطة. وتشكو السلطات المحلية من وجود اسلحة ثقيلة بيد العشائر تستخدم عادة لفض الخلافات.

ديالى في مجلس الأمن
تضافر المعطيات دفع بمجلس الأمن الوزاري، برئاسة حيدر العبادي، الى ان يقرر خطوات جديدة لتثبيت الأمن في ديالى.

وقال بيان حكومي، امس الاثنين، ان مجلس الامن الوزاري اطلع على تقرير مفصل عن الاوضاع الأمنية في محافظة ديالى، مؤكدا “اتخاذ عدد من الاجراءات والتوجيهات التي تساهم باستقرار الأوضاع في المحافظة”.

ويقول فرات التميمي، النائب عن ديالى، بانه ابلغ القيادات الأمنية والحكومة بما يجري في المحافظة.

وأضاف التميمي، في تصريح امس، “قلنا للحكومة ان هناك خلايا نائمة تابعة لتنظيم داعش بدأت تنشط من جديد، وأن الخطر يهدد بغداد”.

وأشار النائب عن ديالى الى ان “عددا قليلا من المسلحين يتمركزون في سلسلة جبال حمرين، ويشنون عمليات نوعية في المحافظة”.

وتحول جغرافية المنطقة المعقدة دون ملاحقة المسلحين. التحدي ذاته في ناحية (مطيبجية) شمال صلاح الدين، وناحية ابو صيدا، التابعة لقضاء المقدادية، حيث تمتاز ببساتين كثيفة.

ويؤكد فرات التيمي ان “خلايا التنظيم هناك لم تتوقف عن محاولة العبث بالأمن منذ تحرير ديالى، وان ملاحقتهم تحتاج الى طائرات او قوات اضافية”.

واعلنت منظمة بدر، احدى القوة الرئيسة في ديالى، نهاية كانون الثاني 2015، أن ديالى أصبحت خالية من داعش. وقالت المنظمة آنذاك بان القوات ستبقى تلاحق فلول التنظيم تمهيداً لإعادة السكان.

ونزحت 53 ألف عائلة من ديالى، عقب دخول داعش الى المحافظة منتصف 2014، وعاد اكثر من نصفهم حتى الآن، ومنِع عودة نازحين من شمال المقدادية وناحية العظيم نظرا لوجود نشاط مسلح.

عقدة “الزور”
ويقول مسؤول محلي رفيع في ديالى ان “14 مسلحاً فقط هم من يعبثون بأمن المناطق المحيطة بالمقدادية، ولاتستطيع أي قوة ان تعتقلهم”.

المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لحساسية المعلومات، أكد امس، ان “المسلحين معروفون بالاسم، ومتواجدون في منطقة الزور، وهي ضمن مجموعة القرى التي تسمى بقرى سنسل، تقع شمال المقدادية”، لافتا الى ان “الاحراش العالية والقصب يمنعان من الامساك بتلك المجموعة الصغيرة”.

وشهدت المقدادية عمليات دموية خلال العامين الماضيين، استدعت تدخل رئيس الحكومة حيدر العابدي، الذي زار، مطلع العام الماضي، المقدادية عقب أحداث عنف جرت بعد تفجير واحراق 6 جوامع. واعقب التفجيرات، اعمال قتل طالت بعض السكان وتسببت بموجة نزوح خشية من عمليات انتقام. وأصدر رئيس الوزراء حينها توجيهات مشددة باعتقال منفذي الهجمات و”مثيري الفتنة”.

وكانت المقدادية شهدت، قبل عام من التفجير الذي طال جوامعها، حادثة مروعة أسفرت عن إعدام نحو 70 شابا في قرية شمال المدينة. واختلفت الروايات حينها حول هوية الضحايا بين من اعتبرهم منتمين الى داعش، وبين من اكد ان القتلى راحوا ضحية عمليات انتقامية جرت عقب انفجار عبوة ناسفة على قرية شيعية قريبة من (بروانة الكبيرة) التابعة للمقدادية.

وبدأت ملامح التدهور الأمني تظهر في ديالى في صيف 2015 عندما انفجرت شاحنة محملة بـ3 اطنان من المتفجرات في وسط سوق مكتظ بناحية خان بني سعد، ذات الاغلبية الشيعية.
وقتل في التفجير، الذي وقع عشية عيد الفطر، 120 مدنياً بينهم أطفال ونساء، وأسفر أيضا عن إصابة 130 شخصاً. كما أدى التفجير الى تدمير 75 محلاً و3 عمارات، واحتراق 35 سيارة.

شبح عودة العنف
وحتى اللحظة مازالت هناك مناوشات طائفية مسلحة تحدث بين فترة واخرى في مناطق من ديالى، بحسب رئيس مجلس المحافظة علي الدايني.

ويؤكد الدايني، في تصريح امس، بأن “انفجار عبوة ناسفة قبل ايام، في الطريق الرابط بين المقدادية وبعقوبة، أدى الى اتهام منطقة شيعية جارتها السُنية بانها من زرعت العبوة، وترد بالهاونات وتهدد بتهجيرهم”.

واستهدفت، الاحد الماضي، 4 قذائف هاون قرية كصيبة التابعة لمدينة بعقوبة، وقعت احدها على منزل وتسببت بجرح امرأة و3 أطفال. وكانت القرية ذاتها، التي تقطنها اغلبية عشيرة الخزرج، قد تعرضت قبل يومين من الحادث الاخير الى قصف مماثل.
ويقول الدايني مشددا “اذا لم نسيطر على الاسلحة الثقيلة في المحافظة فلن نشهد وضعاً مستقراً”.

وكانت الحكومة العراقية قررت، في شباط الماضي، سحب السلاح الثقيل من المدنيين، لكن الحملة فشلت في عدد من المحافظات. ويعلق رئيس مجلس ديالى على قرار مجلس الوزراء بالقول ان “الاسوأ في المحافظة ان الحكومة استثنت المقدادية، والخالص، وقرى حمرين من قرار سحب الاسلحة”، لافتا الى ان “الاسلحة تتواجد بالاساس في تلك
المناطق”. ويؤكد المسؤول المحلي ان القوات المتواجدة في ديالى عاجزة عن جمع السلاح، وتطالب بارسال قوات من بغداد لتنفيذ القرار. وتضم محافظة ديالى قيادتين للعمليات، الاولى عمليات دجلة، واخرى شكلت مؤخرا باسم عمليات شرق دجلة. لكن النائب فرات التميمي يرى ان “تشكيل قيادة العمليات الجديدة، جاء لمنح المناصب ولم تضف قوات جديدة لحماية المحافظة”.

ويلفت رئيس مجلس ديالى الى “وجود لواء عسكري خاص بحماية ديالى يقوم بمهمات بين كركوك والموصل، وفوج آخر من شرطة المحافظة يمسك مناطق في صلاح الدين”، مؤكدا حاجة المحافظة الى “3 آلاف شرطي، اذ يتواجد الآن 24 ألف من اصل 27 ألف، قبل ظهور داعش”.

بغداد / وائل نعمة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here