الكاظمي …. وصخرة الرشيد

بقلم صبيح الكعبي

التاريخ العربي مفعم بالحكايات اللطيفة التي نستلهم منها عبر ودروس نستفاد منها في حياتنا اليومية , من باب المقارنة والاستفادة من هذه القصص حكاية هارون العباسي ( يحكى ان هارون العباسي تنكر ليلا مع مجموعة من مقربيه البرامكة ليلتقي بالناس ومعرفة احوالهم ومدى حبهم له , وفي ليلة خرج متنكرا يتجول في مدينة بغداد , اثناء جولته التقى مجموعة من الناس يتكلمون عن وضع الخلافة والظلم الذي لحق بهم من ظلمة الطرق وقلة الماء وشظف العيش وظلم الولاة , ثم انتقلوا بحكاياتهم لأمور أخرى , هذا الحديث شد اسماع هارون العباسي منصتاً لهم حتى اكملوا سهرتهم وقبل ان ينصرفوا سأل احدهم ماذا تتمنى ان تكون لتصلح أمر الخلافة ؟؟ قال اتمنى ان اكون الخليفة , ودَعدهم وانصرف مع جماعته , صباحا طلب من شرطته ان يحضروا الاشخاص الذين التقى بهم ليلة البارحة بدلالة احد مرافقيه , حضر الشخص وقال هارون العباسي له ماذا تمنيت ليلة البارحة , ارتجف وخاف وكاد ان يغمى عليه , اعاد السؤال مرة اخرى أجب ولك الأمان , قال بما انك اعطيتني الامان فانا اتمنى ان اكون مكانك , قال له هارون لك ذلك وغدا ستستلم الخلافة لمدة يوم واحد , في اليوم التالي اعد شرطة هارون فوق كرسي الخلافة صخرة كبيرة مربوطة بحبل وجعلها تتدلى غير مستقرة , استلم صاحبنا السلطة وجلس على كرسي الخلافة وشد الصخرة نظره وهي تتدلى فوق راسه وقضى يومه وهو ينظر اليها خائفا مرتعدا , في نهاية اليوم قال له هارون العباسي ماذا استفدت من يومك ؟؟ , قال الخوف والرعب اذن ذهب يومك عبثا , قال نعم لأنك وضعت موتي فوق رأسي كيف لي ان استفيد من يومي , قال له هارون الم تكن الخليفة , قال بلا وتمتلك السلطة ولك شرطة ودولة مترامية الاطراف وعلاقات وشعب ,قال نعم ,قال لماذا لم تطلب من شرطتك ان يزولوا هذه الصخرة لتنظر في دولتك وتصلح امر ولاتك وتعدل بين شعبك , عندها اطرق خجلا لا ينبس بكلمة وانتهى يومه وضاع حلمه وتبددت احلامه , الكاظمي يذكرني بهذه الحكاية التي طالما ارددها مع نفسي فالقيادة والرئاسة فن وارادة ورغبة وشجاعة وبما انه ركب موجتها وأقبلت الدنيا طائعة بكل ما فيها من حلاوة الذوق وعظيم المكانة وسعة وكبر الامتيازات بين يديه وهو مقبل عليها بنفسه وذاته , جديرا بها من حيث عقليته الاستخبارية ودرايته وفهمه الاعلامي وكذلك علاقاته المتشعبة مع اكثر مسؤولي العالم ولديه الرغبة بالتغيير والاصلاح ويمتلك ملفات تؤهله ان يلجم افواه المتربصين به شرا , وبإمكانه قطع الاقدام والايادي من خلاف بسيوفه القانونية البتارة واساليبه القيادية وسطوته الاستخبارية والتنفيذية .

يقول أبو القاسم الشابي:

أبارك في الناس أهل الطموح ** ومن يستلذ ركوب الخطر

وأعلن في الكون أن الطموح ** لهيب الحياة وروح الظفر

مرحلته مرحلة ثورة فالشعب منتفض بعد ان سأم من الوعود الكاذبة والممارسات الانتقامية , مايعيقه صخرة هارون , أأمر بإزالتها واقطع حبل مسندها لتكون حرا في قرارك متصديا في حماية مشروعك , ففرض الارادات لا يبني دولة حرة كريمة , ولايدوي جروح , ولا يصلح شرخ جدار الوطن ويجعلك اداة طيعة بيد غيرك ,لا تسمح لأحد بأن يقودك ويملي شروطه عليك ويهددك بالاستقالة وسحب الثقة , فالدولة خاوية متهالكة ضعيفة , وشعبها يأن بأوجاع العوز والذل والمهانة , وهم امامك يوميا بشوارع المدن وازقتها وامام دوائرها ووزاراتها ولا من حل ودهي تدخل بسنتها الثانية يريح وأمل يتحقق وجرح يداوى فالظلمة تتعتم اكثر , الى متى يبقى هذا الامتهان والكره وعدم الانصياع لمطالبهم ؟؟؟؟ , (وقفوهم إنهم مسئولون ) ,ان الصخرة برغم ثقلها وقوة دمارها هناك من يستطيع رفعها ويخلصك من آثارها , فسواعد الابطال على اهبة الاستعداد لمعاونتك وشد أزرك, رغبتك بالعمل ونهجك بالتصحيح في حل المشاكل , وسلوكك بالمواجهة , كفيلة بان تكون رقما في معادلة العراق الجديد , ولايمكنهم ان يجيروا شروطهم بعدم ترشيحك للمرحلة القادة , لا قانونا ودستورا, صاحب الارادة وقول الفصل هو الشعب لا غيره (فاذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين ) .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here