أفكر أحيانا في كيفية أن لا أفكر بأي شيء إطلاقا !..

أفكر أحيانا في كيفية أن لا أفكر بأي شيء إطلاقا !..

بقلم مهدي قاسم

إذا سألني أحدهم بدافع فضول وحب استطلاع بماذا أفكر حاليا ؟ ..
فأجيبُ فورا :

أفكر إنه كيف يمكنني أن لا أفكر بأي شيء في الوقت الراهن !
فتلك هي رغبتي الملحة حاليا ..
أي بمعنى أن أقفل حنفية أفكاري
لأنني تعبتُ .. تعبتُ حقا من كثرة التفكير على مدار ساعة و يوم ..
حتى أكاد أشعر بثقل الأفكار المتموجة فوق مدارج ورفوف دماغي صعودا و نزولا كدوامة عاصفة هائجة ومجنونة ..
لذا قررتُ اليوم إعطاء ذهني عطلة استراحة كاملة بأمر ملكي حاسم من سيادة نفسي ..
بحيث أقفلتُ حنفية أفكاري بشكل محكم إغلاقا كاملا وبحرص شديد ،
لئلا تتقطر بعض أفكار مشاكسة وتفسد عليَّ نشوة سكوني ..
ثم أخذت أغوص في بحيرة صمتي الدافئة تحت شلالات كسلي الناعمة نعومة مداعبة يد حبيبة حنونة و طيبة دوما ..
متخيلا نفسي في وسط بياض شاسع و مديد
كسعة سهوب سيبيريا في شتاء غامر ببياض ثلوح ناصعة ..
ولكن كل ذلك لم يكن سوى وميضا من وهم عابر :
فثمة زخم ساخن من أفكار شرسة و جمهرة رؤيا مشاكسة
أخذت تنقر قبة صمتي بهمة متواصلة و بضجة صاخبة
تماما مثل سرب من غربان هائجة ومضطربة ،
في أقفاص مقفلة تثيرها مشاهد أفاق مسترخية على أكتاف غابات عملاقة ..
وفي اثناء ذلك اسمع نحيب بحر مستوحد و بعيد يشكو وحشته المفرطة من كثرة جحافل مصطافين بعلبهم و أكياسهم البلاستيكية العائمة ..
كأنه على وشك أن يحتضنني بلهفة و شغف عاشق ولهان يبحث عن أنيس حميم مثلي بين فيالق جمهرة حاشدة ..
أنفض رأسي بقوة من زحمة تلك الأطياف الحاشدة بضراوة ،
تماما لو كنت دبا يغادر نهرا توا
مثقلا بقطرات ماء تتساقط من وبره بغزارة .
آنذاك أسمع رنة عميقة لرنين أفكاري
وهي ترن ..ترن ..ترن بحدة ،
كرنين عملات معدنية ثقيلة تتراقص و تدور على نفسها بقوة عصبية ..
وقد رُميت بغتة في قعر طاسة نحاسية
لشحاذ حالم خطفته سنة من نعاس بهيج ! .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here