على هامش زيارة أردوغان إلى بغداد : لولا قناعتنا المطلقة بهم كمخربين وليس بناة دولة لقلنا

على هامش زيارة أردوغان إلى بغداد* : لولا قناعتنا المطلقة بهم كمخربين وليس بناة دولة لقلنا :

بقلم مهدي قاسم

مهما كان للثروات النفطية ــ في حالة استثمار رشيد وناجح ــ دورا مهما وكبيرا في التنمية والازدهار الاقتصاديين ، فتبقى الثروات المائية الأولوية المطلقة في الإنماء الضروري والحيوي سواء على صعيد البشر أو النبات أم الحيوان .

والدليل على ما نقوله هو بقاء مخلوقات الطبيعة بما فيها مخلوقات بشرية أيضا ــ على قيد الحياة منذ ملايين السنين ، وبدون أي نفط أو زفت يُذكر.

فضلا عن ذلك فإن ثمة دولا كثيرة جدا سواء منها أوروبية أو أسيوية بل وحتى بعضا من دول أفريقية أيضا بلغت مستوى جيدا من تنمية اقتصادية بهدف ضمان معيشة جيدة ــ نسبيا ــ لأبناء البلد المعني ، طبعا دون أن تمتلك قطرة واحدة من النفط أو الغاز ، ولكنها كانت تمتلك ثروات مائية وافرة ، و حرصا للحفاظ عليها ، فضلا عن عقلية أو برامج اقتصادية برغماتية ، نجدها قد بذلت جهدا كبيرا وعناية عظيمة لحماية و صيانة ثرواتها المائية، ولكن قبل ذلك لحمايتها من الهدر المجاني ، بل وتنميتها بسدود و شق قنوات عديدة أو أنهراصطناعية، عبر الاستفادة من هطول الأمطار الغزيرة و توجيه وجهة فيضانات أو مياه جوفية و ينابيع متدفقة من جبال ، وغير ذلك ..

أما العراق فقد وهبته الطبيعة الخلاقة العظيمة من عدة أنهر مباركة كريمة معطاءة ، كان يمكن الاستفادة منها وتحويل الأراضي العراقية إلى مناطق وحقول ومراع خضراء نضرة يانعة ،تزخر بالحنطة والشعير والشوفان و البرسيم والسمسم وخضروات وفواكه و الخ ، ولكن الإهمال المتعمد أو غير المبالي منذ عهد النظام السابق وحتى الآن ، قد جعل هذه الأنهار عبارة عن ترعة يمكن عبورها مشيا بعدما أصبحت ضحلة إلى هذا الحد الفادح و المفجع ..

نحن نعرف جيدا أن كل ما كتبناه ــ أعلاه ــ بات معروفا لكل دانِ و قريب بسبب كثرة تناول وتحليل من قبل عديدين من المهتمين ، و هي أزمة مستفحلة باتت معروفة تماما في الدرجة الأولى للمسؤولين المعنيين بالأمر واغيرهم أيضا ، وقد أخذت أزمة المياه المتفاقمة في العراق ، يوما بعد يوم ، بعدا خطيرا و جديدا بين شحة سريعة و نضوب متزايد ، بشكل أخذ يهدد الأمن الاجتماعي مهددا آلاف العائلات بالهجرة إلى داخل المدن والعاصمة أيضا ، و خاصة أن حجم أو نسبة شحة المياه ، وصلت في العاصمة بغداد إلى مستوى متكرر من تلكؤ و انقطاع لساعات طويلة ..

وبما إن للنظامين التركي والإيراني دورا أيضا في تسبب هذه الشحة والنضوب سواء ببناء سدود أو تغيير وجهة أنهر ، فكان ينبغي استخدام سلاح التجارة لإجبار النظامين على إطلاق حصص العراق المائية المشروعة وفقا للقانون الدولي: حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بين العراق وهذين البلدين عشرات مليارات دولارات سنويا وفوق ذلك من جانب واحد أي من جانب البلدين إذ ليس للعراق ما يصدره إلى هذين البلدين !..

ولهذا أقول : فلولا قناعتنا المطلقة بهؤلاء الساسة الزعماء المتنفذين والمسؤولين الفاسدين لكونهم مخربين وليس بناة دولة لقلنا لهم : استغلوا سلاح التعامل التجاري بين العراق وتركيا لإجبار المسؤولين الأتراك على تزويد العراق بحصصه المائية المشروعة وعلى أساس قانون الدول المتشاطئة المعمول به في مجلس الأمن الدولي ، وخاصة في مناسبة مهمة الآن ، إلا وهي مناسبة زيارة الرئيس التركي أردوغان القريبة إلى العراق .

*( أردوغان في بغداد ومنتدى اقتصادي “عراقي تركي” بالبصرة ــ نقلا عن صحيفة صوت العراق )

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here