ضحايا كرة القدم


علي حنون
2024/05/23
هنالك مَنزلة كبيرة لكرة القدم في نفوس الجماهير الرياضية، ليس في العراق، فحسب، وإنما في أرجاء المعمورة، ولأنها كذلك – نظير عديد الاعتبارات – فإن كل أمر يتعلق بكرة القدم، يذهب باتجاه يَجمع عليه من يعشق هذه الفعالية على أنه موضوعة غاية في الأهمية، ومعلوم أن كل موضوعة في الحياة مبنية على مُعادلة وهذه المُعادلة مُرتبطة بأجنحة توازنية وأي خلل أو علة في اتجاه يجعل الكفة الأخرى ترتفع دون الأولى، وهي حسابات منطقية تخضع لها أراء وتعترف فيها وجهات نظر حتى إن تقاطعت بصدد سلوكيات هامشية..وهذا الشأن يَسري – يقيناً – على مضمون كرة القدم، التي تبقى ،وكما أسلفنا، بحكم شعبيتها وتأثيرها، تتقدم ركب الفعاليات الرياضية في كل أصقاع الأرض.
وإذا سلمنا بأن من يَتعاطون مع شؤون كرة القدم وشجونها، في بلدان العالم يَسيرون في تحديد الأولويات واختيار الأهداف لإصابة النتائج الإيجابية، وفق معايير موضوعية تجعل من هذه اللعبة فعالية جماعية النتيجة، أي أن تكون أطراف الفريق من إدارة وكادر تدريبي ولاعبين وأيضاً الجمهور عوامل تتضافر جميعها لبلوغ المُراد ويُشار لهم عند تحقيق النتيجة الإيجابية وتُؤشر عليهم مآخذ في حال تعثر التشكيلة وهو الأمر المنطقي، فإن الحاضر عندنا غير ذلك تماماً مع أننا شعب يعشق كرة القدم كعشقه للحياة، حيث ترى الأمور تسير في فلك غير المُتعارف عليه، فهناك دائماً الضحية وهناك، الذي يهرب من المسؤولية.
فالنتائج الإيجابية، التي يُصيبُها الفريق في أية مُناسبة تجيّر لحساب الأطراف المُختلفة وهنا تكون حصة المدرب فيها أسهماً قليلة لا تعكس الجهود الفنية الحقيقية، التي يبذلها هو ومساعدوه وتسمح بقية الأطراف لنفسها بنيل حزمة كبيرة من الأضواء تحت عنوان الدعم غير المنظور..نقر أن فعالية كرة القدم هي لعبة جماعية في الحضور لكن ذلك لا يعني أن تُوضع جهود جميع الأطراف في كفة واحدة وتكون مُتساوية لأن الواقع يُشير إلى تفاوت وتباين في حجم العطاء بين شركاء المسؤولية، ومن الأنصاف أن يُثنى على كل باذل لجهد بقدر نسبة بذله وحجم عطائه وأهميته. الذي نَنشد التأكيد عليه هو أن التباين في تحمل التبعات عند التعثر، غالباً ما تُسبب الإرباك في انسيابية العمل وتخلق حالة من عدم الاستقرار في تفكير المُدربين، لأن جلَّ اهتمامهم يكون عندها مُنصباً باتجاه الوقوف على ردود الأفعال، التي يُمكن أن تُبديها الأطراف الأخرى في حال أخفق الفريق..من هنا، فإن الموضوعي في المسؤولية يتطلب أن يركن جميع الشركاء من إدارة ومدرب ولاعبين وجمهور إلى الإقرار بأن الجميع يتحمل تبعات الإخفاق طالما أنهم يُسارعون لتقاسم (كعكة) الانتصار..نعم تأتي مباريات يكون فيها المُدرب، ولأسباب فنية بحتة، مسؤولاً إلى درجة كبيرة في خسارة الفريق وهذه الحالة تَفرضُ علينا وعلى المدرب الاعتراف بذلك، لكننا نتحدث هنا على غالب الأمر، والذي نُريده أن يكون المبدأ، الذي ينظم الكيفية، التي يكون فيها جميع الأطراف تحت لواء التعاون والتعاضد، لنكون مُنصفين أكثر عند الشروع بتقييم أداء الفرق والخوض في تحديد أسباب الإخفاق، ولكي لا نُقدم باستمرار المُدرب قرباناً للإخفاق، وننأى ببقية الشركاء عن الوقوف في دائرة المسؤولية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here