بغداد بلغة الأرقام وأربيل بسلاح الدستور.. ما مصير رواتب 1.25 مليون موظف؟

التقاریر
يُحرم أكثر من مليون وربع المليون موظف في إقليم كوردستان، من رواتبهم منذ شهرين، في “انقلاب” على قانون الموازنة الاتحادية واتفاقيات تشكيل تحالف “إدارة الدولة”، وفق مراقبين للشأن السياسي العراقي، وبينما أشاروا إلى أن المتنفذين في الحكم ببغداد، يحاولون إعادة النظام المركزي الشمولي، لفتوا إلى خرق بغداد الكثير من بنود الدستور الخاصة بالعلاقة مع أربيل.

وكان الموظفون في السليمانية وحلبجة، قد بدأوا صباح يوم الأحد، الإضراب عن العمل بسبب تأخر صرف رواتبهم لشهري تموز وآب المنصرمين، بسبب عدم صرف مستحقات الإقليم من الموازنة الاتحادية للعام الحالي.

ووصف رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، الخميس الماضي، امتناع الحكومة الاتحادية في بغداد، عن إرسال المستحقات المالية للإقليم، انتهاكاً للاتفاقات الدستورية.

فيما دعا مجلس وزراء إقليم كوردستان، الأربعاء الماضي، الحكومة الاتحادية في بغداد إلى صرف الاستحقاقات المالية للإقليم بالمبالغ المدرجة في جداول الموازنة، حاثاً المجتمع الدولي على مساندة إقليم كوردستان في نيل حقوقه الدستورية واستحقاقاته المالية بموجب الدستور والاتفاقيات الموقعة.
الفهم الخاطئ

وفي هذا السياق، رأى الكاتب والباحث السياسي، كفاح محمود، أن “المشكلة الأساسية تكمن في الفهم السياسي للنظام الفيدرالي، ويبدو أن المتنفذين في الحكم ببغداد، يحاولون تكثيف السلطات في العاصمة بغداد وإعادة النظام المركزي الشمولي على حساب بقية المكونات، وهذا يتنافى تماماً مع الدستور وروحيته”.

ويشخّص محمود خلال حديثه “خروقات لكثير من بنود الدستور فيما يتعلق بالعلاقة بين بغداد وأربيل، وبدا هذا واضحاً في مسألة النفط، والمادة 140 التي أصرّ القائمون على الحكم على عدم تطبيقها منذ عام 2005 وإلى هذا اليوم، بل أصروا على عدم تشريع قانون النفط والغاز منذ عام 2007 ولغاية هذا اليوم”.

وتابع: “ما ترتب على ذلك امتلاء سلّة الإشكاليات بين بغداد وأربيل، وبعد عقد اتفاقيات مهمة مع الديمقراطي الكردستاني في تشكيل (إدارة الدولة) ومنها مسألة النفط وحصة الإقليم من الموازنة، وتطبيق المادة 140، انقلبوا بالكامل على كل ما اتفقوا عليه في قانون الموازنة كما ظهر هذا أمام الجميع”.

وبيّن محمود، أن “هذا الانقلاب ما يزال مستمراً وأمام أنظار قادة الإطار التنسيقي، إذ يُحرم أكثر من مليون و253 ألف موظف من رواتبهم منذ 3 أشهر تقريباً، وهذا جميعه يأتي في سياق العمل على تقسيم فيدرالية كوردستان”.

وتابع: “لأنهم في الأساس ضد فكرة الفيدرالية، والدليل على ذلك أنهم منعوا أهالي البصرة وصلاح الدين من إقامة الفيدرالية، كما هناك أجندة إقليمية تدعم هذا التوجه، وهذه الأجندة تمنع قيام نظام فيدرالي حقيقي في العراق، وتكثف السلطات بيد مكون واحد، وهذا ما يدفعه المواطن سواء في كوردستان أو في المناطق السنية من العراق”.

بغداد ولغة الأرقام

في المقابل، قال عضو اللجنة المالية النيابية معين الكاظمي إن “حسب طلب بعض اعضاء اللجنة المالية النيابية من إقليم كوردستان، كانت هناك استضافة لوزيرة المالية طيف سامي، وخلال الاستضافة تبين أن الأرقام الحقيقية لإيرادات الإقليم كافية لصرف رواتب موظفي الإقليم البالغ عددهم 670 ألف موظف”.

وأضاف الكاظمي، أن “إقليم كوردستان، حصل منذ مطلع 2023، ولغاية الآن على 8 تريليونات و80 مليار دينار، وعلى اعتبار استحقاق اقليم كوردستان في قانون الموازنة 12،67% من المصروف الفعلي للدولة العراقية”.

وأوضح أن “إقليم كوردستان حصل خلال الأشهر الستة الأولى من 2023، على 8 ترليون دينار، هي عبارة عن 3 ترليون و209 مليار دينار ايرادات نفطية من التصدير في الاشهر الأولى، وتريليون و954 مليار دينار من الايرادات غير نفطية والمنافذ الحدودية، وتريليون و600 مليار دينار من قروض مصارف الرافدين والرشيد، و318 مليار دينار قروض من مصرف TBI، إضافة إلى تمويل جديد من وزارة المالية 598 وتمويل آخر 400 مليار دينار من وزارة المالية، وبالتالي يكون المجموع الكلي 8 تريليون و80 مليار دينار، أي أن إقليم كوردستان حصلت على أكثر من ايراداتها المقررة”.

وتابع: “اليوم بات واضحاً لدى أعضاء اللجنة المالية سواء من المكون الكوردي أو المكونات الأخرى أن إجراءات وزارة المالية دقيقة ومهنية ومحسوبة حسب الأصول المقررة في قانون الموازنة”.

اللجنة التفاوضية

وكانت اللجنة المالية النيابية، قد كشفت بوقت سابق من اليوم، عن تفاصيل استضافتها للجنة التفاوضية المشكلة من الحكومة الاتحادية للتفاوض مع ممثلي حكومة إقليم كوردستان، بشأن تنفيذ ومتابعة قانون الموازنة فيما يخص العلاقة بين بغداد واربيل.

وقال عضو اللجنة جمال كوجر ، عقب الاجتماع إن “الخلافات كبيرة بين الحكومة الاتحادية واقليم كوردستان، ولم يتم حسم الموضوع، خلال اجتماع اليوم الذي كان مخصصاً لتوضيح بعض الاستفسارات”، مبينا ان “الخلافات حاليا بين الحكومتين تتعلق بملف النفط والانتاج وايضاً الموارد غير النفطية”.

وتابع كوجر انه “لم يتم الاتفاق على ملف موارد المنافذ الحدودية سواء الرسمية او المنافذ الموجودة في الاقليم غير المعترف بها من قبل الحكومة الاتحادية والتي تسمى غير رسمية”.

واللجنة التفاوضية الاتحادية التي استضافتها اللجنة المالية اليوم تتكون من 6 أشخاص هم (كاظم محمد الجواد الحسني / المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء، ومحمد عبد الهادي الحكيم / مستشار الشؤون الاستراتيجية لرئيس مجلس الوزراء، وماهر جوهان / الوكيل الفني لوزارة التخطيط، ونجيب شكر محمود / رئيس الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وجميل ثاجب يوسف / مدير عام دائرة المحاسبة في وزارة المالية، ومدير عام / ديوان الرقابة المالية الاتحادي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here