قصصهم محزنة: العشاق في كردستان يدفعون ثمن اختلاف الدين والقومية

نارين رستم

على الرغم من الادعاء بأنه لا وجود لمشكلات دينية أو قومية في كردستان، إلا أن تلك المشكلات تشكل العائق الأكبر أمام العشاق اليوم وتمنعهم من الزواج في الكثير من الاحيان.

لا أحد يدفع ثمن الاختلافات القومية والدينية في ظل الحرب والصراعات السياسية; كما يفعل العشاق من الشباب والشابات، فان أراد شاب وفتاة الاقتران وهما من ديانتين مختلفتين ستواجههما مصاعب كثيرة وان كان الأمر ليس اقل الصعوبة بالنسبة للقوميات المختلفة.

تنيا داود (25 سنة) هو احد سكان محلة كوران في مدينة اربيل كان قد دخل احد مخيمات ايواء نازحي الأنبار قرب أربيل كمتطوع وأحب إحدى الفتيات العربيات النازحات هناك.

يروي تنيا لـ”نقاش” قصة وقوعه في غرام الفتاة العربية قائلا: “كانت زوجتي اسماء نازحة في مخيم كوركوسك، وكنت قد نقلت الى هناك كمتطوع، عندما رأيت اسماء أعجبني جمالها، لم افكر في ديانتها او قوميتها وانما كنت اريد ان اعلم فقط هل ستوافق على زواجنا ام لا، وقد تجاوزنا الصعاب ونحن الآن مرتاحان معا”.

الوضع كان أصعب بقليل بالنسبة لنيكار آري وهي طالبة في جامعة صلاح الدين عندما وقعت في حب سمير عبد الرحمن العربي، لأن تقبل زوج عربي أمر ليس بسهل بالنسبة لأقاربها، الا انهما تخطيا هذا العائق.

وقالت نيكار لـ”نقاش”: “لقد أحببنا بعضنا أنا وسمير في السنة الأولى من الكلية، وأوصلنا حبنا إلى مرحلة الزواج ونحن الآن خطيبان”.

ليس من السهل لفتاة كردية من عاصمة الاقليم اربيل التي تحولت في ايلول (سبتمبر) الماضي الى مركز لاتخاذ قرار إجراء استفتاء استقلال كردستان عن العراق والدعاية له، ان لا تقع تحت تأثير الصراعات والمشكلات السياسية بين بغداد والإقليم والذي شهد اواسط شهر تشرين الأول (اكتوبر) الماضي معارك وهجمات عسكرية أيضاً.

تقول نيكار: “عندما تنشب المشكلات بين السياسيين في العراق وكردستان ننقسم انا وسمير الى جبهتين مختلفتين، ولكن بعد أن تهدأ الحدة بينهم، نتصالح نحن أيضا وتسيطر المودة من جديد على علاقتنا”.

والمعادلة هي على هذا النحو، إذا أحب شاب وفتاة مسلمين بعضهما بموافقة أهليهما فلا تعترض طريقهما مشكلات دينية او اجتماعية او قانونية، أما إذا كان الحديث عن ديانتين مختلفتين فمن الصعب تسيير الأمر.

في الوقت الحاضر يوجد المئات من الشباب والفتيات المسلمين والمسيحيين في كردستان يحبون بعضهم، ولكن إما أن تنتهي قصصهم دون نتيجة او يهربون تاركين العراق على أمل التغلب على الصعوبات في بلد آخر.

ومع ان الأسر المسيحية والمسلمة في كردستان تربط بينها علاقات صداقة قوية، إلا أن أياً منها ليست على استعداد ليصل بهذا الاختلاط إلى حد الزواج كون الديانتين لا تسمحان بذلك، وفيما يتعلق بالزواج من شخص مسيحي لا يسمح الدين الإسلامي للفتاة المسلمة الزواج بشاب مسيحي قطعا، اما الشاب المسلم فيجوز له طلب يد فتاة مسيحية للزواج.

وكذلك الأمر عند المسيحيين أيضا فهم ليسوا مستعدين لتزويج فتياتهم لشباب مسلمين، لذلك لا يستطيع الشاب والفتاة الاقتران بعضهما عند الطرفين.

وكان هناك خلال الاعوام الماضية العديد من الشباب المسلمين مستعدين لاعتناق المسيحية في سبيل الاقتران بحبيباتهم فقط، حسب المعلومات التي تم الحصول عليها من الكنائس.

ولا يخفي القس ايشيا قسيس كنيسة مارغوركيس في مدينة أربيل رفضهم طلب بعض الشباب الكرد المسلمين اعتناق المسيحية من اجل الزواج بحبيباتهم المسيحيات.

وقال القس ايشيا لـ”نقاش”: ان “هناك احتمال كبير بأن يخلق الزواج بين مسلم ومسيحية تداعيات سيئة على أهل الفتاة والشاب أيضاً، وليس هذا فحسب بل قد يصل الأمر احيانا الى مقتل احدهما”.

وكانت الأحداث المحزنة التي وقعت في السابق سببا وراء اعتراض القس ايشيا الذي اضاف: “لقد زارنا عدد من المسلمين الكرد من اجل اعتناق المسيحية، واراد بعضهم الزواج حسب التقليد المتبع في الديانة المسيحية لأن حبيباتهم كن مسيحيات، الا اننا رفضنا ذلك، اذ نعتبره امرا خطيرا. وكانت لدينا في السابق قصص محزنة وأليمة لا نريد ان تتكرر”.

لا يوجد احصاء رسمي في كردستان يظهر عدد الشباب والفتيات من القوميات والاديان المختلفة ممن تزوجوا في كردستان، فعقود الزواج التي تتم رسميا عن طريق المحاكم لا تسجل فيها المحكمة قومية وديانة الشاب والفتاة.

وتفيد إحصاءات محكمة أربيل بأن العام الماضي شهد حتى شهر أيلول (سبتمبر) الماضي (14909) حالة زواج و(2258) حالة طلاق، ولكن لا يتوفر شيء عن قومية وديانة المتزوجين.

فتيات وشباب آخرين لم يعيروا اهتماما للصعوبات الدينية والقومية والمذهبية وأوصلوا قصص حبهم لمرحلة الزواج، ولكن هؤلاء لا يكشفون عن أنفسهم وليسوا مستعدين لذكر أسمائهم وعناوينهم.

وكشف آوات دريا وهو احد مؤسسي منظمة يسنا وهي منظمة تختص بأتباع الديانة الزرادشتية، كشف لـ”نقاش” ان “حوالي اربعة آلاف شخص في حدود محافظة السليمانية فقط ملأوا استمارات تختص باعتناق الديانة الزرادشتية، وقد أجرى بعض هؤلاء مراسيم الزواج داخل (آتشكاه) وهو مكان العبادة لدى الزرادشتيين. حيث لم يعيروا اهتماما لما سيواجههم من مصاعب اجتماعية بل تزوجوا بمحض ارادتهم ونبذوا الاختلافات الدينية”.

واذا كانت المعوقات امام الفتيات والشباب من الاديان المختلفة هي اكثر واصعب فانها ليست بتلك الصعوبة بالنسبة للقوميات والمذاهب المختلفة.

ففي مدينة اربيل عاصمة اقليم كردستان التي تحولت منذ اعوام الى مركز لايواء نازحي وسط وجنوب العراق تمت العديد من الزيجات كان العروسان فيها من قوميات ومذاهب مختلفة كما تنازل العديد من الفتيات والشباب عن عشقهم بسبب اختلاف مذاهبهم وقومياتهم وكل شخص منهم لديه قصة خاصة به.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here