كريستيان ساينس مونيتر: إجراءات الحكومة الجديدة تعكس تحولًا جيليًا

ترجمة / حامد احمد

لم يَمض على رئيس وزراء العراق الجديد مصطفى الكاظمي، سوى اقل من اسبوع في منصبه، ما لبث ان حول احد اصغر تجارب الديمقراطيات في العالم الى نموذج ومثال للاصغاء الى شريحة الشباب. قرارات عدة اتخذها حتى الان، الصحفي وراعي حقوق الانسان ومدير جهاز المخابرات السابق.

فقد امر باطلاق سراح جميع المحتجين من الشباب الذين لم يشتركوا باعمال عنف مميتة والذين تم اعتقالهم منذ تشرين الاول عندما انطلق المحتجون من الشباب في تظاهرات شعبية واسعة ضد نخبة سياسية فاسدة.

وتعهد ايضا بتخصيص تعويضات لاهالي واقارب اكثر من 550 شخصًا من الذين قتلوا خلال احتجاجات استمرت لخمسة أشهر. ويخطط الكاظمي ايضا للتحقق من هويات من تورط بهجمات عنف ومقاضاتهم.

وبالفعل، بعد مقتل متظاهر في مدينة البصرة الاحد الماضي سارعت سلطات الحكومة الجديدة الى القاء القبض على خمسة اشخاص على الاقل من مليشيات محلية اتهمت بمسؤوليتها عن حادث اطلاق النار . ومن قراراته الاخرى التي اتخذها هي اعادة تنصيب الفريق عبد الوهاب الساعدي، الذي يتمتع بشعبية ليتولى قيادة جهاز مكافحة الارهاب. الفريق الساعدي، الذي اشتهر بدوره في الحاق الهزيمة بداعش في العام 2017 ملهما لروح الوحدة العراقية، قد تم عزله من قبل الحكومة السابقة العام الماضي، مما ساعد ذلك في زيادة حركة الاحتجاجات .

وبدأ الكاظمي ايضا بخطوات جلب كثير من فصائل وحدات الحشد الشعبي الى سلطة وقيادة الحكومة. حيث ان هناك بعضا من فصائل مسلحة ضمن وحدات الحشد تدين بولائها لايران أو احزاب سياسية .

وتعهد الكاظمي ايضا باجراء اصلاحات انتخابية واقامة انتخابات مبكرة ليعطي المصوتين والناخبين فرصة لوضع حد لنظام حكم مستند على المحاصصة في توزيع سلطات ومناصب بين احزاب طائفية ودينية تكون بؤرة لفساد مستشر وسوء ادارة . وتشير صحيفة كريستيان ساينس مونيتر الاميركية، الى ان اجراءات الكاظمي الاستهلالية هذه تعكس تحولا جيليا في العراق. حيث ان ما يقارب من 40% من نفوس العراقيين قد ولدوا بعد حرب عام 2003 التي تسببت باسقاط نظام صدام حسين السابق. الكثير منهم يطالب بهوية وطنية كعراقيين وليس مجرد اشخاص يتم استغلالهم من قبل سياسيين على اساس الطائفة والعرق فقط كسنة وشيعة أو كرد. تلك الانقسامات والتناحرات الطائفية كانت سببا لظهور داعش، الذي سيطر على ثلث مساحة العراق للفترة من 2014 الى 2017.

المحتجون، الذين بقوا هادئين وصامتين خلال فترة تفشي وباء فايروس كورونا، ما يزالون مترددين فيما اذا يثقون بالحكومة الجديدة او لا. الحكومة هي نتاج توافق احزاب سياسية، والكاظمي يعتبر ايضا مدعوما من كلا البلدين الخصمين الولايات المتحدة وايران. مؤشر عدم الثقة لدى الشباب تجاه الاحزاب السياسية التقليدية والقوى الخارجية ما يزال عاليا . التظاهرات والاحتجاجات الشعبية الواسعة، التي تميزت بسلميتها وعدم العنف ودعواتها لحكومة نزيهة، قد غيرت وحولت العراق نحو الافضل. وعندما يبدأ فايروس كوفيد 19 بالتلاشي، سيستأنف المحتجون نشاطهم من جديد. لقد تمكنوا سابقا من اجبار سياسيين على اختيار رئيس وزراء قد يتمكن من وضع لحد للانقسامات في البلاد. في غضون ايام قليلة فقط، بدأ الكاظمي بكسب واسترجاع شريحة شباب العراق المثالي .

كتجربة ديمقراطية فريدة في منطقة الشرق الاوسط، يحتاج العراق الى ان يظهر انه من الممكن ان تكون لديه دولة علمانية ذات سيادة تحترم حقوق المواطنين. حتى الان يساعد الكاظمي في تسليم ونقل المسؤولية من جيل الى آخر .

عن: كريستيان ساينس مونيتر

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here